ذكر الخبر عن غزاة بدر
  يحملوا حتى يأمرهم، وقال: «إن اكتنفكم القوم فانضحوهم بالنّبل» - ورسول اللَّه ﷺ في العريش معه أبو بكر.
  وكانت وقعة بدر يوم الجمعة صبيحة سبع عشرة من شهر رمضان، قال ابن إسحاق: كما(١) حدّثني أبو جعفر محمد بن عليّ بن الحسين.
  تعديل النبي لصفوف أصحابه وقصة سواد بن غزية:
  قال محمد بن جرير وحدّثنا ابن حميد(٢) قال حدّثنا سلمة قال قال لي محمد بن إسحاق حدّثني حبّان(٣) بن واسع بن حبّان عن أشياخ من قومه:
  / أنّ رسول اللَّه ﷺ عدّل صفوف أصحابه يوم بدر، وفي يده قدح(٤) يعدّل به القوم، فمرّ بسواد(٥) بن غزيّة حليف بني عديّ بن النجّار وهو مستنتل(٦) من الصفّ، فطعن رسول اللَّه ﷺ في بطنه بالقدح، ثم قال: «استو يا سواد بن غزيّة». فقال: يا رسول اللَّه، أو جعتني! وقد بعثك اللَّه بالحقّ، فأقدني. قال: فكشف رسول اللَّه ﷺ عن بطنه وقال: «استقد»؛ فاعتنقه وقبّل بطنه. فقال: «ما حملك على هذا يا سواد»؟ فقال: يا رسول اللَّه، حضر ما ترى، فلم آمن الموت، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمسّ جلدي جلدك؛ فدعا له رسول اللَّه ﷺ بخير وقال له خيرا. ثم عدّل رسول اللَّه ﷺ الصفوف، ورجع إلى العريش ودخله ومعه أبو بكر ليس معه غيره، ورسول اللَّه ﷺ يناشد ربّه ما وعده من النصر، ويقول فيما يقول: «اللَّهمّ إن تهلك هذه العصابة اليوم - يعني المسلمين - لا تعبد بعد اليوم»، وأبو بكر يقول: يا نبيّ اللَّه خلّ بعض مناشدتك ربّك؛ فإنّ اللَّه منجز لك ما وعدك.
  دعاء النبيّ يوم بدر:
  حدّثنا محمد بن جرير قال حدّثنا محمد بن عبيد المحاربيّ قال حدّثنا عبد اللَّه بن المبارك عن عكرمة بن عمّار قال حدّثني سماك الحنفيّ قال سمعت ابن عبّاس يقول: حدّثني عمر بن الخطاب قال:
  لمّا كان يوم بدر ونظر رسول اللَّه ﷺ إلى المشركين وعدتهم وإلى أصحابه وهم نيّف على ثلاثمائة، استقبل الكعبة وجعل يدعو ويقول: «اللَّهمّ / أنجز لي ما وعدتني. اللَّهمّ إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض»، فلم يزل كذلك حتى سقط رداؤه؛ فأخذ أبو بكر فوضع رداءه عليه، ثم التزمه من ورائه فقال: كفاك
(١) كذا في «سيرة ابن هشام وتاريخ الطبري». وفي الأصول: «قال ابن إسحاق فحدّثني إلخ» وهو خطأ.
(٢) كذا في الطبري و «تهذيب التهذيب»، وهو محمد بن حميد بن حيان التميمي أبو عبد اللَّه الرازي أحد شيوخ ابن جرير الطبري وممن رووا عن سلمة بن الفضل. وفي الأصول: «أبو أحمد» وهو خطأ.
(٣) كذا في «السيرة» (ص ٤٤٤ طبع أوروبا)، وهو حبان بن واسع بن حبان بن منفذ أحد شيوخ محمد بن إسحاق (راجع «تهذيب التهذيب» ح ٢ ص ١٧٠، و «كتاب من روى عنهم» محمد بن إسحاق ص ٩ طبع ليدن). وفي الطبري: «حبان بن واسع بن حبان بن واسع». وفي جميع الأصول: «واسع حيان بن واسع».
(٤) القدح (بالكسر): السهم قبل أن ينصل ويراش.
(٥) ورد هذا الاسم هكذا في «تاريخ الطبري» (ص ١٣١٩ قسم أول) و «أسد الغابة» (ج ٢ ص ٣٧٤) و «طبقات ابن سعد» (ج ٣ ص ٧٢ من القسم الثاني). وفي «سيرة ابن هشام» (ص ٤٤٤، ٥٠٤ طبع أوروبا) قال ابن هشام في الموضعين: «ويقال سوّاد بن غزية».
وفي «الإصابة» (ج ٣ ص ١٤٨ طبع مصر) في الكلام على سواد بن غزية: «المشهور أنه بتخفيف الواو، وحكى السهيلي تشديدها».
(٦) كذا في س والطبري و «السيرة». ونتل من بين الصف واستنتل: تقدّم. وفي سائر الأصول: «استنثل» بالثاء المثلثة.