كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر الدلال وقصته

صفحة 461 - الجزء 4

  ومما في شعر الأحوص من المائة المختارة

  صوت من المائة المختارة

  يا دين⁣(⁣١) قلبك منها لست ذاكرها ... إلا ترقرق ماء العين أو دمعا

  أدعو إلى هجرها قلبي فيتبعني ... حتّى إذا قلت هذا صادق نزعا

  لا أستطيع نزوعا عن محبّتها ... أو يصنع الحبّ بي فوق الذي صنعا

  كم من دنيّ⁣(⁣٢) لها قد صرت أتبعه ... ولو سلا القلب عنها صار لي تبعا

  وزادني كلفا في الحبّ أن منعت⁣(⁣٣) ... وحبّ شيء إلى الإنسان ما منعا⁣(⁣٤)

  / الشعر للأحوص. والغناء ليحيى بن واصل المكيّ، وهو رجل قليل الصّنعة غير مشهور، ولا وجدت له خبرا فأذكره. ولحنه المختار ثقيل أوّل بالوسطى في مجراها عن إسحاق. وذكر يونس أنّ فيه لحنا لمعبد ولم يجنّسه.

  محبوبة الأحوص في كبرها:

  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثنا مطرّف بن عبد اللَّه المدنيّ⁣(⁣٥) [قال] حدّثني أبي عن جدّي قال:

  بينا أطوف بالبيت ومعي أبي، إذا بعجوز كبيرة يضرب أحد لحييها الآخر. فقال لي أبي: أتعرف هذه؟ قلت:

  لا، ومن هي؟ قال: هذه التي يقول فيها الأحوص:

  يا سلَّم ليت لسانا تنطقين به ... قبل الذي نالني من حبّكم قطعا

  يلومني فيك أقوام أجالسهم ... فما أبالي أطار اللوم أم وقعا


(١) المراد بالدين هنا الداء؛ قال الشاعر:

يا دين قلبك من سلمى وقد دينا

قال المفضل: معناه يا داء قلبك القديم. وقال اللحياني: المعنى يا عادة قلبك. (انظر «اللسان» «وشرح القاموس» مادة دين).

(٢) الدنى (بالهمز وبتشديد الياء بدون همز): الخسيس الحقير.

(٣) يحتمل أن يكون «منعت» مبنيا للفاعل أو للمفعول.

(٤) أورد النحويون هذا البيت شاهدا على أن «حب» أفعل تفضيل حذفت همزته مثل خير وشر، إلا أن الحذف فيهما هو الكثير والحذف في أحب قليل. وفي «اللسان» (مادة حبب): «وأنشد الفراء:

وزاده كلفا في الحب أن منعت ... وحب شيئا إلى الإنسان ما منعا

قال: وموضع «ما» رفع، أراد حبب فأدغم.

(٥) في جميع الأصول: «الهذلي» وهو تحريف (انظر الحاشية رقم ٢ صفحة ٢٩ من الجزء الأوّل من هذه الطبعة).