كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر طريح وأخباره ونسبه

صفحة 465 - الجزء 4

  من غسّان، ويقال: إنّهم حيّ من قضاعة نزول في غسّان)، فقال: إنّا جئناك في أمر فما هو؟ قال: جئتم في قسيّ، وقسيّ من ولد ثمود القديم، ولدته أمّه بصحراء بريم⁣(⁣١)، فالتقطه إياد وهو عديم، فاستعبده وهو مليم⁣(⁣٢). فرجع الظَّرب وهو لا يدري ما يصنع في أمره، وقد وكَّد عليه في الحلف والتزويج؛ وكانوا على كفرهم يوفون بالقول.

  فلهذا يقول من قال: إنّ ثقيفا من ثمود؛ لأن إيادا من ثمود.

  قال: وقد قيل: إنّ حربا كانت بين إياد وبين قيس، وكان رئيسهم عامر بن الظَّرب، فظفرت بهم قيس، فنفتهم إلى ثمود وأنكروا أن يكونوا من نزار.

  قال: وقال عامر بن الظَّرب في ذلك:

  قالت إياد قد رأينا نسبا ... في ابني نزار ورأينا غلبا

  سيري إياد قد رأينا عجبا ... لا أصلكم منّا فسامي الطَّلبا ... دار ثمود إذ رأيت السّببا

  / قال: وقد روي عن الأعمش أنّ عليّ بن أبي طالب رضي اللَّه تعالى عنه قال⁣(⁣٣) على المنبر بالكوفة وذكر ثقيفا: لقد هممت أن أضع على ثقيف الجزية؛ لأنّ ثقيفا كان عبدا لصالح / نبيّ اللَّه #، وإنّه سرّحه إلى عامل له على الصدقة، فبعث العامل معه بها، فهرب واستوطن الحرم، وإنّ أولى الناس بصالح محمد صلَّى اللَّه عليهما وسلَّم، وإنّي أشهدكم أنّي قد رددتهم إلى الرّقّ.

  قال: وبلغنا أنّ ابن عبّاس قال، وذكر عنده ثقيف، فقال: هو قسيّ بن منبّه، وكان عبدا لامرأة صالح نبيّ اللَّه ، وهي الهيجمانة بنت سعد، فوهبته لصالح، وإنّه سرّحه إلى عامل له على الصّدقة؛ ثم ذكر باقي خبره مثل ما قال عليّ بن أبي طالب ¥. وقال فيه: إنّه مرّ برجل معه غنم ومعه ابن له صغير ماتت أمّه فهو يرضع من شاة ليست في الغنم لبون غيرها، فأخذ الشاة؛ فناشده اللَّه، وأعطاه عشرا فأبى، فأعطاه جميع الغنم فأبى.

  فلمّا رأى ذلك تنحّى، ثم نثل⁣(⁣٤) كنانته فرماه ففلق قلبه؛ فقيل له: قتلت رسول رسول اللَّه صالح. فأتى صالحا فقصّ عليه قصّته؛ فقال: أبعده اللَّه! فقد كنت أنتظر هذا منه؛ فرجم قبره، فإلى⁣(⁣٥) اليوم والليلة يرجم، وهو أبو رغال.

  قال: وبلغنا عن عبد اللَّه بن عبّاس أنّ رسول اللَّه حين انصرف من الطائف مر بقبر أبي رغال فقال: «هذا قبر أبي رغال وهو أبو ثقيف كان في الحرم فمنعه اللَّه ø، فلمّا خرج منه رماه اللَّه وفيه عمود من ذهب»؛ فابتدره المسلمون فأخرجوه.

  / قال: وروى عمرو بن عبيد عن الحسن أنّه سئل عن جرهم: هل بقي منهم أحد؟ قال: ما أدري، غير أنّه لم يبق من ثمود إلَّا ثقيف في قيس عيلان، وبنو لجا في طيّئ، والطَّفاوة في بني أعصر.


(١) كذا في م، ح. ويريم: موضع بنجد وواد بالحجاز قرب مكة. وفي سائر الأصول: «تريم» بالتاء المثناة من فوق. وتريم: إحدى مدينتي حضرموت والمدينة الأخرى شبام.

(٢) ألام الرجل: فعل ما يلام عليه.

(٣) في ح: «قام».

(٤) نثل الكنانة: استخرج ما فيها من النبل.

(٥) كذا في م. وفي سائر النسخ: «فرجم قبره إلى اليوم والليلة وهو أبو رغال».