كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر طريح وأخباره ونسبه

صفحة 466 - الجزء 4

  قال عمرو بن عبيد وقال الحسن: ذكرت القبائل عند النبيّ ، فقال: «قبائل تنتمي إلى العرب وليسوا من العرب حمير من تبّع وجرهم من عاد وثقيف من ثمود».

  قال: وروي عن قتادة أنّ رجلين جاءا إلى عمران بن حصين. فقال لهما: ممن أنتما؟ قالا: من ثقيف. فقال لهما: أتزعمان أنّ ثقيفا من إياد؟ قالا نعم. قال: فإن إيادا من ثمود؛ فشقّ ذلك عليهما. فقال لهما: أساءكما قولي؟

  قالا: نعم واللَّه. قال: فإنّ اللَّه أنجى من ثمود صالحا والذين آمنوا معه؛ فأنتم إن شاء اللَّه من ذرّيّة من آمن، وإن كان أبو رغال قد أتى ما بلغكما. قالا له: فما اسم أبي رغال؛ فإن الناس قد اختلفوا علينا في اسمه؟ قال: قسيّ بن منبّه.

  قال: وروى الزّهريّ أنّ النبيّ قال: «من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فلا يحبّ ثقيفا، ومن كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فلا يبغض الأنصار».

  قال: وبلغنا عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «بنو هاشم والأنصار حلفان وبنو أميّة وثقيف حلفان».

  قال: وفي ثقيف يقول حسّان بن ثابت رضي اللَّه تعالى عنه:

  إذا الثّقفيّ فاخركم فقولوا ... هلمّ نعدّ شأن أبي رغال /

  أبوكم أخبث الآباء قدما ... وأنتم مشبهوه على مثال⁣(⁣١)

  عبيد الفزر أورثهم بنيه⁣(⁣٢) ... وولَّى عنهم أخرى الليالي

  أم طريح ونسبها:

  وأمّ طريح بنت عبد اللَّه بن سباع بن عبد العزّى بن نضلة بن غبشان⁣(⁣٣) من خزاعة، وهم حلفاء بني زهرة بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤيّ. وسباع بن عبد العزّى هو الذي قتله حمزة بن عبد المطلب يوم أحد. ولمّا برز إليه سباع قال له حمزة: هلمّ إليّ يا بن مقطَّعة البظور / - وكانت أمّه تفعل ذلك وتقبل⁣(⁣٤) نساء قريش بمكة - فحمي وحشيّ⁣(⁣٥) لقوله وغضب لسباع، فرمى حمزة بحربته فقتله - رحمة اللَّه عليه - وقد كتب ذلك في خبر غزاة أحد في بعض هذا الكتاب.


(١) ورد هذا الشطر في «ديوان حسان» (ص ٣٦ طبع ليدن):

وأولاد الخبيث على مثال

(٢) كذا في «ديوان حسان». وفي جميع الأصول: «أورثه». وورد البيت في «ديوان حسان» ضمن بيتين هما:

عبيد الفزر أورثهم بنيه ... وآلى لا يبيعهم بمال

وما لكرامة حبسوا ولكن ... أراد هوانهم أخرى الليالي

والفزر: أبو قبيلة من تميم، وهو سعد بن زيد مناة بن تميم.

(٣) كذا فيء، ط، م، وهو الموافق لما في «السيرة» (ص ٦١١ طبع أوروبا). وفي سائر الأصول: «غبشان بن خزاعة» وهو تحريف؛ لأن غبشان هو ابن سليم بن ملكان بن أقصى بن خزاعة، كما في «السيرة».

(٤) تقبل نساء قريش (كتفرح): تتلقى أولادهنّ عند الولادة، وهي القابلة.

(٥) يدل ما في «صحيح البخاري» على أن قتل وحشيّ لحمزة إنما كان بتحريض مولاه جبير بن مطعم؛ وذلك أن حمزة - رضي اللَّه تعالى عنه - كان قتل ببدر طعيمة بن عديّ بن الخيار عم جبير. فقال جبير لوحشيّ: إن قتلت حمزة بعمي فأنت حرّ. فلما بارز حمزة سباعا وقتله كان وحشي متربصا له تحت صخره، فلما دنا منه رماه بحربته فأرداه. (والخبر مذكور في «صحيح البخاري» بتفصيل، فانظر في كتاب «المغازي» - باب قتل حمزة ¥).