كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر طريح وأخباره ونسبه

صفحة 473 - الجزء 4

  يقال: طرقت الحادثة بكذا وكذا إذا أتت بأمر ضيّق معضل. والوشيج: أصول النبت؛ يقال: أعراقك واشجة في الكرم، أي نابتة فيه. قال الشاعر⁣(⁣١):

  وهل ينبت الخطَّيّ إلَّا وشيجه ... وتنبت إلَّا في مغارسها النّخل⁣(⁣٢)

  يعني أنّه كريم الأبوين من قريش وثقيف. وقد ردّد طريح هذا المعنى في الوليد، فقال في كلمة له:

  واعتام⁣(⁣٣) كهلك⁣(⁣٤) من ثقيف كفأه ... فتنازعاك فأنت جوهر جوهر

  فنمت فروع القريتين قصيّها⁣(⁣٥) ... وقسيّها بك في الأشمّ الأكبر

  / والحنيّ: ما انخفض من الأرض، والواحدة⁣(⁣٦) حنا، والجمع حنيّ مثل عصا وعصيّ. والولج: كلّ متّسع في الوادي، الواحدة ولجة⁣(⁣٧). ويقال: الولجات بين الجبال مثل الرّحاب. أي لم تكن بين الحنيّ ولا الولج فيخفى مكانك، أي لست في موضع خفيّ من الحسب. وقال أبو عبيدة: سمع عمر بن الخطاب ¥ رجلا يقول لآخر يفخر عليه: أنا ابن مسلنطح البطاح، وابن كذا وكذا؛ فقال له عمر: إن كان لك عقل فلك أصل، وإن كان لك خلق فلك شرف، وإن كان لك تقوى فلك كرم، وإلَّا فذاك الحمار خير منك. أحبّكم إلينا قبل أن نراكم أحسنكم سمتا، فإذا تكلَّمتم فأبينكم منطقا، فإذا اختبرناكم فأحسنكم فعلا.

  قوله: «لو قلت للسيل دع طريقك»، يقول: أنت ملك هذا الأبطح والمطاع فيه، فكلّ من تأمره يطيعك فيه، حتى لو أمرت السّيل بالانصراف عنه لفعل لنفوذ أمرك. وإنما ضرب هذا مثلا وجعله مبالغة؛ لأنّه لا شيء أشدّ تعذّرا من هذا وشبهه، فإذا صرفه كان على كل شيء سواه أقدر. وقوله: «لساخ» أي لغاض في الأرض. «وارتد» أي عدل عن طريقه، وإن لم يجد إلى ذلك سبيلا كان له منعرج عنك إلى سائر الأرض.

  غضب الوليد على ابن عائشة فلما غناه في شعره طرب ورضي عنه:

  أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه⁣(⁣٨) قال إسحاق وحدّثني به الواقديّ عن أبي الزّناد عن إبراهيم بن عطيّة:

  / أنّ الوليد بن يزيد لمّا ولي الخلافة بعث إلى المغنّين بالمدينة ومكة فأشخصهم إليه، وأمرهم أن يتفرّقوا ولا


(١) هو زهير بن أبي سلمى.

(٢) فيء، ط، م:

وتغرس إلا في منابتها النخل

(٣) اغتام: اختار.

(٤) كذا فيء، ط، م. وفي سائر النسخ: «أهلك» تحريف.

(٥) قصيّ: أبو عدّة بطون من قريش. وقسيّ (بفتح فكسر وتشديد آخره): هو ثقيف، وقد تقدّم في أوّل ترجمة طريح.

(٦) لم نجد في كتب اللغة التي بين أيدينا («كاللسان» «والقاموس وشرحه» «والصحاح») ما يؤيد التفسير الذي ذكره أبو الفرج لمعنى هذه الكلمة ولا لمفردها. وعبارة «اللسان» (في مادة حنا): ... والحنو: كل شيء فيه اعوجاج أو شبه الاعوجاج كعظم الحجاج والحي والضلع والقفّ والحقف ومنعرج الوادي، والجمع أحناء وحنّي وحنيّ ...».

(٧) في «اللسان» (مادة ولج): ... ابن الأعرابي: ولاج الوادي: معاطفه، واحدتها ولجة، والجمع الولج». ومنه يعلم أن الولج جمع الجمع لولجة.

(٨) كذا فيء، ط، م. وفي سائر النسخ: «عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبيه قال إسحاق إلخ». ولم نثبت هذه الزيادة لأننا لم نجد في كتب التراجم أن إسحاق بن إبراهيم الموصلي روى عن محمد بن السائب الكلبيّ.