كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر من قتل أبو العباس السفاح من بني أمية

صفحة 492 - الجزء 4

  خوفهم أظهر التّودّد منهم ... وبهم منكم كحزّ المواسي

  أقصهم أيّها الخليفة واحسم ... عنك بالسّيف شأفة الأرجاس

  واذكرن⁣(⁣١) مصرع الحسين وزيد⁣(⁣٢) ... وقتيل⁣(⁣٣) بجانب المهراس⁣(⁣٤)

  والإمام⁣(⁣٥) الذي بحرّان أمسى ... رهن قبر في غربة وتناسي

  فلقد ساءني وساء سوائي ... قربهم من نمارق وكراسي

  نعم كلب⁣(⁣٦) الهراش مولاك لولا ... أود⁣(⁣٧) من حبائل الإفلاس

  / فتغيّر لون أبي العبّاس وأخذه زمع⁣(⁣٨) ورعدة؛ فالتفت بعض ولد سليمان بن عبد الملك إلى رجل منهم، وكان إلى جنبه، فقال: قتلنا واللَّه العبد. ثم أقبل أبو العبّاس عليهم فقال: يا بني الفواعل، أرى قتلاكم من أهلي قد سلفوا وأنتم أحياء تتلذّذون في الدنيا! خذوهم! فأخذتهم الخراسانيّة بالكافر⁣(⁣٩) كوبات، فأهمدوا، إلَّا ما كان من عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز فإنّه استجار بداود بن عليّ وقال له: إنّ أبي لم يكن كآبائهم وقد علمت صنيعته إليكم؛ فأجاره واستوهبه من السفّاح، وقال له: قد علمت يا أمير المؤمنين صنيع أبيه إلينا. فوهبه له وقال له: لا تريني وجهه، وليكن بحيث تأمنه؛ وكتب إلى عمّاله في النواحي بقتل بني أميّة.

  سبب قتل السفاح لبني أمية وتشفيه فيهم:

  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثني أحمد بن سعيد الدّمشقيّ قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار عن عمّه:

  أنّ سبب قتل بني أمية: أنّ السفاح أنشد قصيدة مدح بها، فأقبل على بعضهم فقال: أين هذا مما مدحتم به! فقال: هيهات! لا يقول واللَّه أحد فيكم مثل قول ابن قيس الرّقيّات فينا:

  ما نقموا من بني أميّة إلَّا أنّهم يحلمون إن غضبوا

  وأنّهم معدن الملوك ولا ... تصلح إلَّا عليهم العرب

  فقال له: يا ماصّ كذا من أمّه! أو إنّ الخلافة لفي نفسك بعد! خذوهم! فأخذوا فقتلوا.


(١) في «الكامل»: «واذكروا».

(٢) هو زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، قتل في أيام هشام بن عبد الملك.

(٣) كذا فيء، ط، م. وفي سائر النسخ: «وقتيلا». ويعني به حمزة بن عبد المطلب، قتله يوم أحد وحشيّ غلام جبير بن مطعم.

(٤) المهراس فيما ذكر المبرد: ماء بأحد؛ روي أن النبيّ عطش يوم أحد فجاءه عليّ في درقة بماء من المهراس، فعافه وغسل به الدم عن وجهه. قال المبرد في «الكامل»: وإنما نسب شبل قتل حمزة إلى بني أمية لأن أبا سفيان بن حرب كان قائد الناس يوم أحد.

(٥) الإمام الذي بحرّان: هو إبراهيم الإمام رأس الدعوة العباسية، وقد قتله مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية صبرا.

(٦) في «الكامل» «والعقد الفريد»:

نعم شبل الهراش مولاك شبل ... لو نجا من حبائل الإفلاس

(٧) الأود هنا: الكد والتعب والجهد.

(٨) الزمع: شبه الرعدة تأخذ الإنسان.

(٩) في ح: «بالكفر كربات». ولعله اسم أعجميّ لآلات يضرب بها كالعمد وغيرها.