كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر من قتل أبو العباس السفاح من بني أمية

صفحة 493 - الجزء 4

  بسط السفاح على قتلاهم بساطا تغدى عليه وهم يضطربون تحته:

  أخبرني عمّي عن الكرانيّ عن النّضر بن عمرو عن المعيطيّ:

  / أنّ أبا العباس دعا بالغداء / حين قتلوا، وأمر ببساط فبسط عليهم، وجلس فوقه يأكل وهم يضطربون تحته.

  فلمّا فرغ من الأكل قال: ما أعلمني أكلت أكلة قطَّ أهنأ ولا أطيب لنفسي منها. فلمّا فرغ قال: جرّوا بأرجلهم؛ فألقوا في الطريق يلعنهم الناس أمواتا كما لعنوهم أحياء. قال: فرأيت الكلاب تجرّ بأرجلهم وعليهم سراويلات الوشى حتى أنتنوا؛ ثم حفرت لهم بئر فألقوا فيها.

  أنشد ابن هرمة داود بن علي شعرا فأوغر صدره على بعض أمويين في مجلسه:

  أخبرني عمر بن عبد اللَّه بن جميل العتكيّ قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني محمد بن معن الغفاريّ عن أبيه قال:

  لمّا أقبل داود بن عليّ من مكة أقبل معه بنو حسن جميعا وحسين بن عليّ بن حسين وعليّ بن عمر⁣(⁣١) بن عليّ بن حسين وجعفر بن محمد والأرقط محمد بن عبد اللَّه وحسين بن زيد ومحمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان وعبد اللَّه بن عنبسة بن سعيد بن العاصي وعروة وسعيد ابنا خالد بن سعيد بن عمرو بن عثمان، فعمل لداود مجلس بالرّويثة⁣(⁣٢)؛ فجلس عليه هو والهاشميّون، وجلس الأمويّون تحتهم؛ فأنشده إبراهيم بن هرمة قصيدة يقول فيها.

  فلا عفا اللَّه عن مروان مظلمة ... ولا أميّة بئس المجلس النّادي⁣(⁣٣)

  كانوا كعاد فأمسى اللَّه أهلكهم ... بمثل ما أهلك الغاوين من عاد

  فلن يكذّبني من هاشم أحد ... فيما أقول ولو أكثرت تعدادي

  / قال: فنبذ داود نحو ابن عنبسة ضحكة كالكشرة. فلمّا قام قال عبد اللَّه [ابن حسن]⁣(⁣٤) لأخيه حسن: أما رأيت ضحكته إلى ابن عنبسة! الحمد للَّه الذي صرفها عن أخي⁣(⁣٥) (يعني العثمانيّ)، قال: فما هو إلَّا أن قدم⁣(⁣٦) المدينة حتّى قتل ابن عنبسة.

  استحلف عبد اللَّه بن حسن داود بن علي ألا يقتل أخويه محمدا والقاسم:

  قال محمد بن معن حدّثني محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان قال:

  استحلف أخي عبد اللَّه بن حسن داود بن عليّ، وقد حجّ معه سنة اثنتين وثلاثين ومائة، بطلاق امرأته مليكة بنت داود بن حسن ألَّا يقتل أخويه محمدا والقاسم ابني عبد اللَّه. قال: فكنت أختلف إليه آمنا وهو يقتل بني أميّة،


(١) كذا في ط، م، وهو الموافق لما في الطبري (قسم ٣ ص ١٩١ طبع أوروبا). وفيء: «علي بن عمرو بن علي بن حسين». وفي سائر الأصول: «علي بن محمد بن علي بن حسين»، وهما تحريف.

(٢) الرويثة: موضع على ليلة من المدينة.

(٣) في ب، س، م: «البادي» بالباء الموحدة.

(٤) زيادة عن ح.

(٥) هو أخوه لامّه، كما ذكر ذلك في كتب التاريخ.

(٦) في ب، س: «فما هو إلا أنه ما قدم المدينة إلخ».