ذكر من قتل أبو العباس السفاح من بني أمية
  وكان يكره أن يراني أهل خراسان ولا يستطيع إليّ سبيلا ليمينه. فاستدناني يوما فدنوت منه، فقال: ما أكثر الغفلة وأقلّ الحزمة! فأخبرت بها عبد اللَّه بن حسن؛ فقال: يا بن أمّ، تغيّب عن الرجل؛ فتغيّبت عنه حتّى مات.
  أنشد سديف السفاح شعرا وعنده رجال من بني أمية فأمر بقتلهم:
  أخبرني الحسن بن عليّ ومحمد بن يحيى قالا حدّثنا الحارث بن أبي أسامة قال حدّثني إسماعيل بن إبراهيم عن الهيثم بن بشر مولى محمد بن عليّ قال:
  أنشد سديف أبا العبّاس، وعنده رجال من بني أميّة، قوله:
  يا بن عمّ النبيّ أنت ضياء ... استبنّا بك اليقين الجليّا
  فلمّا بلغ قوله:
  جرّد السّيف وارفع العفو حتّى ... لا ترى فوق ظهرها أمويا
  لا يغرّنك ما ترى من رجال ... إنّ تحت الضّلوع داء دويا
  بطن البغض في القديم فأضحى ... ثاويا في قلوبهم مطويا
  / وهي طويلة، قال(١): يا سديف، خلق الإنسان من عجل، ثم قال:
  أحيا الضغائن آباء لنا سلفوا ... فلن تبيد وللآباء أبناء
  / ثم أمر بمن عنده منهم فقتلوا.
  حضر سليمان بن علي جماعة من بني أمية فأمر بقتلهم:
  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمّار قال حدّثني عليّ بن محمد بن سليمان النّوفليّ عن أبيه عن عمومته:
  أنّهم حضروا سليمان بن عليّ بالبصرة، وقد حضره جماعة من بني أميّة عليهم الثّياب الموشيّة المرتفعة، فكأنّي أنظر إلى أحدهم وقد اسودّ شيب في عارضيه من الغالية(٢)، فأمر بهم فقتلوا وجرّوا بأرجلهم، فألقوا على الطريق، وإنّ عليهم لسراويلات الوشي والكلاب تجرّ بأرجلهم.
  وفد عمرو بن معاوية على سليمان بن علي يسأله الأمان فأجابه «إليه»:
  أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني محمد بن عبد اللَّه بن عمرو(٣) قال أخبرني طارق بن المبارك عن أبيه قال:
  جاءني رسول عمرو بن معاوية بن عمرو بن عتبة، فقال لي: يقول لك عمرو: قد جاءت هذه الدولة وأنا حديث السنّ كثير العيال منتشر المال، فما أكون في قبيلة إلَّا شهر أمري وعرفت، وقد اعتزمت على أن أفدي حرمي بنفسي؛ وأنا صائر إلى باب الأمير سليمان بن عليّ، فصر إليّ. فوافيته فإذا عليه طيلسان مطبق أبيض وسراويل وشي
(١) في الأصول: «فقال».
(٢) الغالية: ضرب من الطيب.
(٣) في ح، م: «محمد بن عبد اللَّه بن عمر».