ذكر من قتل أبو العباس السفاح من بني أمية
  مسدول، فقلت: يا سبحان اللَّه! ما تصنع الحداثة بأهلها! أبهذا اللباس تلقى هؤلاء القوم لما تريد لقاءهم فيه! فقال:
  لا واللَّه، ولكنّه ليس عندي ثوب إلَّا أشهر مما(١) ترى. فأعطيته طيلساني وأخذت طيلسانه ولويت سراويله إلى / ركبتيه؛ فدخل ثم خرج مسرورا. فقلت له: حدّثني ما جرى بينك وبين الأمير. قال: دخلت عليه ولم نتراء قطَّ، فقلت: أصلح اللَّه الأمير! لفظتني البلاد إليك، ودلَّني فضلك عليك؛ فإمّا قتلتني غانما، وإمّا رددتني سالما. فقال:
  ومن أنت؟ ما أعرفك؛ فانتسبت له. فقال: مرحبا بك، أقعد فتكلَّم آمنا غانما؛ ثم أقبل عليّ فقال: ما حاجتك يا بن أخي؟ فقلت: إنّ الحرم اللواتي أنت أقرب الناس إليهنّ معنا وأولى الناس بهنّ بعدنا، قد خفن لخوفنا، ومن خاف خيف عليه. فو اللَّه ما أجابني إلَّا بدموعه على خدّيه؛ ثم قال: يا بن أخي، يحقن اللَّه دمك، ويحفظك في حرمك، ويوفّر عليك مالك. وو اللَّه لو أمكنني ذلك في جميع قومك لفعلت، فكن متواريا كظاهر، وآمنا كخائف، ولتأتني رقاعك. قال: فكنت واللَّه أكتب إليه كما يكتب الرجل إلى أبيه وعمّه. قال: فلمّا فرغ من الحديث رددت عليه طيلسانه؛ فقال: مهلا(٢)، فإنّ ثيابنا إذا فارقتنا لن ترجع إلينا.
  شعر لسديف في تحريض السفاح على بني أمية:
  أخبرني [أحمد بن عبد اللَّه قال حدّثنا](٣) أحمد بن عبد العزيز قال حدّثنا عمر بن شبّة قال:
  قال سديف لأبي العبّاس يحضّه على بني أميّة ويذكر من قتل مروان وبنو أميّة من قومه:
  كيف بالعفو عنهم وقديما ... قتلوكم وهتّكوا الحرمات
  أين زيد وأين يحيى بن زيد ... يا لها من مصيبة وترات
  والإمام الذي أصيب بحرّا ... نّ إمام الهدى ورأس الثّقات
  قتلوا(٤) آل أحمد لا عفا الذّن ... ب لمروان غافر السّيّئات
  شعر لرجل من شيعة بني العباس في التحريض على بني أمية:
  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال:
  أنشدني محمد بن يزيد لرجل من شيعة بني العبّاس يحرّضهم على بني أميّة:
  إيّاكم أن تلينوا(٥) لاعتذارهم ... فليس ذلك إلَّا الخوف والطَّمع
  / لو أنّهم أمنوا أبدوا عداوتهم ... لكنّهم قمعوا بالذلّ فانقمعوا
  أليس في ألف شهر قد مضت لهم ... سقوكم جرعا من بعدها جرع
(١) كذا فيء، ط، م. وفي سائر النسخ: «إلا أشهر من هذه».
(٢) كذا فيء، ط، م. وفي سائر النسخ: «مه».
(٣) زيادة عن س، م.
(٤) في ح:
قتلوا آل أحمد لا عفا اللَّا ... هـ لمروان سافر السيئات
(٥) في ح. «تنيبوا». وفي م:
إياكم أن بليتوا الاعتذار لكم