كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر من قتل أبو العباس السفاح من بني أمية

صفحة 497 - الجزء 4

  عروضه من المتقارب. الشعر والغناء لأبي سعيد مولى فائد، ولحنه من الثقيل الأوّل بالبنصر من رواية عمرو بن بانة وإسحاق وغيرهما.

  ومما قاله فيهم وغنّى فيه على أنّه قد نسب إلى غيره:

  صوت

  أثّر الدهر في رجالي فقلَّوا ... بعد جمع فراح عظمي مهيضا /

  ما تذكَّرتهم فتملك عيني ... فيض غرب وحقّ لي أن تفيضا

  / الشعر والغناء لأبي سعيد خفيف ثقيل بالوسطى عن ابن المكيّ والهشاميّ. وروى الشّيعيّ عن عمر بن شبّة عن إسحاق أنّ الشعر لسديف والغناء للغريض. ولعلَّه وهم.

  ومنها:

  صوت

  أولئك قومي بعد عزّ ومنعة ... تفانوا فإلَّا تذرف العين أكمد

  كأنّهم لا ناس للموت غيرهم ... وإن كان فيهم منصفا غير معتدي

  الشعر والغناء لأبي سعيد. وفيه لحن لمتيّم.

  ركب المأمون إلى جبل الثلج فغناه علوية بشعر ندب فيه بني أمية فسبه ثم كلم فيه فرضي:

  أخبرني عبد اللَّه بن الرّبيع قال حدّثنا أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم قال حدّثني عمّي طيّاب بن إبراهيم قال:

  ركب المأمون بدمشق يتصيّد حتّى بلغ جبل الثّلج، فوقف في بعض الطريق على بركة عظيمة في جوانبها أربع سروات⁣(⁣١) لم ير أحسن منها ولا أعظم، فنزل المأمون وجعل ينظر إلى آثار بني أميّة ويعجب منها ويذكرهم، ثم دعا بطبق عليه بزماورد⁣(⁣٢) ورطل نبيذ؛ فقام علَّويه فغنّى:

  أولئك قومي بعد عزّ ومنعة ... تفانوا فإلَّا تذرف العين أكمد

  / قال: فغضب المأمون وأمر برفع الطبق، وقال: يا بن الزانية! ألم يكن لك وقت تبكي فيه على قومك إلَّا هذا الوقت! قال: نعم أبكي عليهم! مولاكم زرياب⁣(⁣٣) يركب معهم في مائة غلام، وأنا مولاهم معكم أموت جوعا!


(١) السرو: شجر حسن الهيئة قويم الساق، واحده سروة.

(٢) البزماورد: طعام يسمى لقمة القاضي، وفخذ الست، ولقمة الخليفة، وهو مصنوع من اللحم المقلي بالزبد والبيض. وفي «شفاء الغليل»: «زماورد» والعامة تقول: «بزماورد»: كلمة فارسية استعملتها العرب للرقاق الملفوف باللحم.

(٣) زرياب: هو علي بن نافع المغني مولى المهدي ومعلم إبراهيم الموصلي، صار إلى الشأم ثم صار إلى المغرب إلى بني أمية، فقدم الأندلس على عبد الرحمن الأوسط سنة ١٣٦ هـ فركب بنفسه لتلقيه، كما حكاه ابن خلدون. وزرياب لقب غلب عليه ببلده، لسواد لونه مع فصاحة لسانه، شبه بطائر أسود غرّاد. وكان شاعرا مطبوعا وأستاذا في الموسيقى. (انظر «شرح القاموس» مادة زرب، «وتاريخ بغداد» لابن طيفور ج ٦ ص ٢٨٤ طبع أوروبا).