كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر ابن هرمة وأخباره ونسبه

صفحة 514 - الجزء 4

  /

  أما بنو هاشم حولي فقد قرعوا ... نبل الضّباب⁣(⁣١) التي جمعت في قرن

  فما بيثرب منهم من أعاتبه ... إلَّا عوائد أرجوهنّ من حسن

  اللَّه أعطاك فضلا من عطيّته ... على هن وهن فيما مضى وهن⁣(⁣٢)

  قال: حاجتك! قال: لابن أبي مضرّس عليّ خمسون ومائة دينار. قال: فقال لمولى له: يا هيثم، اركب هذه البغلة فأتني بابن أبي مضرّس وذكر⁣(⁣٣) حقّه. قال: فما صلَّينا العصر حتّى جاء به. فقال له: مرحبا بك يا بن أبي مضرّس، أمعك ذكر حقّك على ابن هرمة قال نعم. قال: فامحه، فمحاه. ثم قال: يا هيثم، بع ابن أبي مضرّس من تمر⁣(⁣٤) الخانقين بمائة وخمسين دينارا وزده على⁣(⁣٥) كلّ دينار ربع / دينار، وكل ابن هرمة بخمسين ومائة دينار تمرا، وكل ابن ربيح بثلاثين دينارا تمرا. قال: فانصرفنا من عنده؛ فلقيه محمد بن عبد اللَّه بن حسن بالسّيالة، وقد بلغه الشعر، فغضب لأبيه وعمومته فقال: أي ماصّ بظر أمّه! أنت القائل:

  على هن وهن فيما مضى وهن

  فقال: لا واللَّه! ولكنّي الذي أقول لك:

  لا والَّذي أنت منه نعمة سلفت ... نرجو عواقبها في آخر الزّمن

  لقد أتيت بأمر ما عمدت له ... ولا تعمّده قولي ولا سنني /

  فكيف أمشي مع الأقوام معتدلا ... وقد رميت برئ العود بالابن⁣(⁣٦)

  ما غيّرت وجهه أمّ مهجّنة ... إذا القتام تغشّى أوجه الهجن⁣(⁣٧)

  قال: وأمّ الحسن أمّ ولد.

  لما عرض بعبد اللَّه بن حسن وإخوته قطع عنه ما كان يجريه عليه فما زال به حتى رضي:

  قال هارون: فحدّثني حمّاد بن إسحاق عن أبيه عن أيّوب بن عباية قال:

  لمّا قال ابن هرمة هذا الشعر في حسن بن زيد، قال عبد اللَّه بن حسن: واللَّه ما أراد الفاسق غيري وغير أخويّ: حسن وإبراهيم. وكان عبد اللَّه يجري على ابن هرمة رزقا فقطعه عنه وغضب عليه. فأتاه يعتذر، فنحّي وطرد؛ فسأل رجالا أن يكلَّموه، فردّهم؛ فيئس من رضاه واجتنبه وخافه. فمكث ما شاء اللَّه، ثم مرّ عشيّة وعبد اللَّه


(١) الضباب هنا: الأحقاد. يقال: في قلبه ضب أي غل داخل، كالضب الممعن في حجزه. والظاهر أنه يريد أن يقول: إنهم سلوا أحقادهم وأظهروا عداوتهم وأنا قد كتمتها وأخفيتها.

(٢) هن: كلمة يكنى بها عن اسم الإنسان. وقد كررها الشاعر ثلاثا لأنه أراد ثلاثة أشخاص معينين.

(٣) ذكر الحق: الصك الذي يكتب فيه الدين.

(٤) في ط، ء: «ثمر» بالثاء المثلثة. والخانقان: موضع بالمدينة وهو مجمع مياه أوديتها الثلاثة: بطحان والعقيق وقناة.

(٥) في ط، ء، م: «وزده في كل دينار».

(٦) الأبن: جمع ابنة وهي العقدة تكون في العود تفسده ويعاب بها. وقولهم: ليس في حسب فلان ابنة، أي عيب، مأخوذ من هذا.

(٧) الهجين: من أبوه خير من أمه أو من أبوه عربيّ وأمه غير عربية، وجمعه: هجن وهجناء وهجنان ومهاجين ومهاجنة.