كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر ابن هرمة وأخباره ونسبه

صفحة 518 - الجزء 4

  قلت لمّا هبّت تحذّرني الدّه ... ر دعي اللَّوم عنك واستبقيني

  إنّ ذا الجود والمكارم إبرا ... هيم يعنيه كلّ ما يعنيني

  قد خبرناه في القديم فألفي ... نا مواعيده كعين اليقين

  قلت ما قلت للَّذي هو حقّ ... مستبين لا للَّذي يعطيني /

  نضحت أرضنا سماؤك بعد ال ... جدب منها وبعد سوء الظَّنون

  فرعينا آثار غيث هراقت ... هـ يدا محكم القوى ميمون

  طلب من محمد بن عمران علفا بإغراء محمد الزهري فأعطاه كل ما ورده:

  وقال هارون حدّثنا حمّاد عن عبد اللَّه بن إبراهيم الحجبيّ:

  أنّ إبلا لمحمد بن عمران تحمل علفا مرّت بمحمد بن عبد العزيز الزّهريّ ومعه ابن هرمة، فقال: يا أبا إسحاق، ألا تستعلف محمد بن عمران! وهو يريد أن يعرّضه لمنعه فيهجوه. فأرسل ابن هرمة في أثر الحمولة رسولا حتّى وقف على ابن عمران، فأبلغه رسالته؛ فردّ إليه الإبل بما عليها، وقال: إن احتجت إلى غيرها زدناك. فأقبل ابن هرمة على محمد بن عبد العزيز فقال له: اغسلها عنّي، فإنّه إن علم أنّي استعلفته ولا دابّة لي وقعت منه⁣(⁣١) في سوءة. قال: بماذا؟ قال: تعطيني حمارك. قال: هو لك بسرجه ولجامه. فقال ابن هرمة: من حفر حفرة سوء وقع فيها.

  وفد على السري بن عبد اللَّه باليمامة ومدحه فأكرمه وكان يحب أن يفد عليه:

  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثنا أبو يحيى هارون بن عبد اللَّه الزّهريّ عن ابن زريق⁣(⁣٢)، وكان منقطعا إلى أبي العبّاس⁣(⁣٣) بن محمد وكان من أروى الناس، قال:

  كنت مع السّريّ بن عبد اللَّه باليمامة، وكان يتشوّق إلى إبراهيم بن عليّ بن هرمة ويحبّ أن يفد عليه؛ فأقول:

  ما يمنعك أن تكتب إليه؟ فيقول: أخاف أن يكلَّفني من المؤونة ما لا أطيق. فكنت أكتب بذلك إلى ابن هرمة، فكره⁣(⁣٤) أن يقدم عليه إلَّا بكتاب منه؛ ثم غلب فشخص إليه، فنزل عليّ ومعه راويته ابن ربيح. فقلت له: ما منعك⁣(⁣٥) من القدوم على الأمير وهو من الحرص / على قدومك على ما كتبت به إليك؟ قال: الذي منعه من الكتاب إليّ. فدخلت على السّريّ فأخبرته بقدومه؛ فسرّ بذلك وجلس للناس مجلسا عامّا، ثم أذن لابن هرمة فدخل عليه ومعه راويته ابن ربيح. وكان ابن هرمة قصيرا دميما أريمص⁣(⁣٦)، وكان ابن ربيح طويلا جسيما نقيّ الثياب. فسلَّم


(١) في ط، ء، م: «وقعت معه».

(٢) كذا في جميع الأصول فيما سيأتي (ص ٣٨٦). وفي أكثر الأصول هنا: «عن أبي زريق». وفي م، س: «ابن أبي زريق».

(٣) أبو العباس بن محمد، هو عبد اللَّه السفاح أوّل خلفاء بني العباس.

(٤) في ط، ء: «فيكره».

(٥) كذا في ط، م. وفي سائر الأصول: «ما يمنعك».

(٦) أريمص: تصغير أرمص، وصف من الرمص في العين وهو كالغمص، وقيل: الرمص: ما سال مما تلفظ به العين، والغمص: ما جمد، وقيل العكس.