كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر ابن هرمة وأخباره ونسبه

صفحة 519 - الجزء 4

  على السّريّ ثم قال له: أصلحك اللَّه! إنّي قد قلت شعرا أثنيت فيه عليك. فقال: أنشد؛ فقال: هذا ينشد فجلس.

  فأنشده ابن ربيح قصيدته التي أوّلها:

  عوجا على ربع ليلى أمّ محمود ... كيما نسائله من دون عبّود⁣(⁣١)

  عن أمّ محمود إذ شطَّ المزار بها ... لعلّ ذلك يشفي داء معمود⁣(⁣٢)

  فعرّجا بعد تغوير⁣(⁣٣) وقد وقفت ... شمس النهار ولاذ الظَّلّ بالعود

  / شيئا فما رجعت أطلال منزلة ... قفر جوابا لمحزون الجوى مودي⁣(⁣٤)

  ثم قال فيها يمدح السريّ:

  ذاك السّريّ الذي لولا تدفّقه ... بالعرف⁣(⁣٥) متنا حليف المجد والجود

  من يعتمدك ابن عبد اللَّه مجتديا⁣(⁣٦) ... لسيب عرفك يعمد⁣(⁣٧) خير معمود

  / يا ابن الأساة الشّفاة المستغاث بهم ... والمطعمين ذرى الكوم المقاحيد⁣(⁣٨)

  والسّابقين إلى الخيرات قومهم ... سبق الجياد إلى غاياتها القود⁣(⁣٩)

  أنت ابن مسلنطح البطحاء منبتكم ... بطحاء مكة لا روس القراديد⁣(⁣١٠)

  لكم سقايتها⁣(⁣١١) قدما وندوتها ... قد حازها والد منكم لمولود

  لولا رجاؤك لم تعسف بنا قلص ... أجواز مهمهة قفر الصّوى بيد⁣(⁣١٢)


(١) عبود وصغر: جبلان ما بين المدينة والسيالة ينظر أحدهما إلى الآخر، وبينهما طريق المدينة.

(٢) المعمود: من هدّه العشق.

(٣) التغوير: النزول وقت القائلة. وفيء، ط: «تعويق». والتعويق: الانصراف عن الشيء والانحباس عنه. وفي «مختار الأغاني» لابن منظور: «تطويل».

(٤) المودي: الهالك.

(٥) كذا في ح. وفي سائر النسخ:

بالعرف مات حليف المجد والعود

(٦) في ح: «مجتهدا».

(٧) معمود: مقصود.

(٨) كذا في أكثر الأصول. والذرى (بضم الذال): جمع ذروة (بضم الأوّل وكسره). وذروة كل شيء: أعلاه، وذروة السنام والرأس:

أشرفهما. والكوم: الضخام الأسنمة، الواحد أكوم وكوماء. والمقاحيد: جمع مقحاد وهي الناقة العظيمة السنام. وفيء، ط، م:

«ذرى الكوم الفراقيد» والفراقيد: جمع فرقد وهو ولد البقرة، وقيل: ولد البقرة الوحشية. وظاهر أن الرواية الأولى هي الصحيحة.

(٩) القود: جمع أقود، وهو من الخيل الطويل العنق.

(١٠) اسلنطح الوادي: اتسع. (انظر ص ٣١٧ من هذا الجزء). وروس: جمع رأس، خففت همزته. والقراديد: جمع قردود وهو ما ارتفع من الأرض وغلظ، وقيل: جمع قردد، وزادوا الياء كراهية التضعيف.

(١١) السقاية: ما كانت قريش تسقيه الحجاج من النبيذ المنبوذ في الماء، وكان يليها العباس بن عبد المطلب في الجاهلية والإسلام.

والندوة: دار الندوة بمكة وهي التي بناها قصيّ. سميت بذلك لاجتماعهم فيها لأنهم كانوا إذا حزبهم أمر ندوا إليها للتشاور.

(١٢) كذا في أكثر الأصول. والعسق: السير في المفازة وقطعها بغير قصد ولا هداية. والصوى: الأعلام من الحجارة تنصب في الفيافي والمفازات المجهولة يستدل بها على الطريق. وفي ح:

أجواب مهمهة قفر الطوى بيد