ذكر ابن هرمة وأخباره ونسبه
  على السّريّ ثم قال له: أصلحك اللَّه! إنّي قد قلت شعرا أثنيت فيه عليك. فقال: أنشد؛ فقال: هذا ينشد فجلس.
  فأنشده ابن ربيح قصيدته التي أوّلها:
  عوجا على ربع ليلى أمّ محمود ... كيما نسائله من دون عبّود(١)
  عن أمّ محمود إذ شطَّ المزار بها ... لعلّ ذلك يشفي داء معمود(٢)
  فعرّجا بعد تغوير(٣) وقد وقفت ... شمس النهار ولاذ الظَّلّ بالعود
  / شيئا فما رجعت أطلال منزلة ... قفر جوابا لمحزون الجوى مودي(٤)
  ثم قال فيها يمدح السريّ:
  ذاك السّريّ الذي لولا تدفّقه ... بالعرف(٥) متنا حليف المجد والجود
  من يعتمدك ابن عبد اللَّه مجتديا(٦) ... لسيب عرفك يعمد(٧) خير معمود
  / يا ابن الأساة الشّفاة المستغاث بهم ... والمطعمين ذرى الكوم المقاحيد(٨)
  والسّابقين إلى الخيرات قومهم ... سبق الجياد إلى غاياتها القود(٩)
  أنت ابن مسلنطح البطحاء منبتكم ... بطحاء مكة لا روس القراديد(١٠)
  لكم سقايتها(١١) قدما وندوتها ... قد حازها والد منكم لمولود
  لولا رجاؤك لم تعسف بنا قلص ... أجواز مهمهة قفر الصّوى بيد(١٢)
(١) عبود وصغر: جبلان ما بين المدينة والسيالة ينظر أحدهما إلى الآخر، وبينهما طريق المدينة.
(٢) المعمود: من هدّه العشق.
(٣) التغوير: النزول وقت القائلة. وفيء، ط: «تعويق». والتعويق: الانصراف عن الشيء والانحباس عنه. وفي «مختار الأغاني» لابن منظور: «تطويل».
(٤) المودي: الهالك.
(٥) كذا في ح. وفي سائر النسخ:
بالعرف مات حليف المجد والعود
(٦) في ح: «مجتهدا».
(٧) معمود: مقصود.
(٨) كذا في أكثر الأصول. والذرى (بضم الذال): جمع ذروة (بضم الأوّل وكسره). وذروة كل شيء: أعلاه، وذروة السنام والرأس:
أشرفهما. والكوم: الضخام الأسنمة، الواحد أكوم وكوماء. والمقاحيد: جمع مقحاد وهي الناقة العظيمة السنام. وفيء، ط، م:
«ذرى الكوم الفراقيد» والفراقيد: جمع فرقد وهو ولد البقرة، وقيل: ولد البقرة الوحشية. وظاهر أن الرواية الأولى هي الصحيحة.
(٩) القود: جمع أقود، وهو من الخيل الطويل العنق.
(١٠) اسلنطح الوادي: اتسع. (انظر ص ٣١٧ من هذا الجزء). وروس: جمع رأس، خففت همزته. والقراديد: جمع قردود وهو ما ارتفع من الأرض وغلظ، وقيل: جمع قردد، وزادوا الياء كراهية التضعيف.
(١١) السقاية: ما كانت قريش تسقيه الحجاج من النبيذ المنبوذ في الماء، وكان يليها العباس بن عبد المطلب في الجاهلية والإسلام.
والندوة: دار الندوة بمكة وهي التي بناها قصيّ. سميت بذلك لاجتماعهم فيها لأنهم كانوا إذا حزبهم أمر ندوا إليها للتشاور.
(١٢) كذا في أكثر الأصول. والعسق: السير في المفازة وقطعها بغير قصد ولا هداية. والصوى: الأعلام من الحجارة تنصب في الفيافي والمفازات المجهولة يستدل بها على الطريق. وفي ح:
أجواب مهمهة قفر الطوى بيد