ذكر أخبار يونس الكاتب
  ذهب إلى الشام فبعث إليه الوليد بن يزيد ليغنيه ثم وصله:
  أخبرني عمّي قال حدّثني طلحة بن عبد اللَّه الطَّلحيّ قال حدّثني أحمد / بن الهيثم قال:
  خرج يونس الكاتب من المدينة إلى الشأم في تجارة؛ فبلغ الوليد بن يزيد مكانه؛ فلم يشعر يونس إلَّا برسله قد دخلوا عليه الخان، فقالوا له: أجب الأمير - والوليد إذ ذاك أمير - قال: فنهضت معهم حتى أدخلوني على الأمير، لا أدري / من هو، إلَّا أنّه من أحسن الناس وجها وأنبلهم، فسلمت عليه، فأمرني بالجلوس، ثم دعا بالشراب والجواري؛ فكنّا(١) يومنا وليلتنا في أمر عجيب. وغنيّته فأعجب بغنائي إلى أن غنّيته:
  إن يعش مصعب فنحن بخير ... قد أتانا من عيشنا ما نرجّي
  ثم تنبّهت فقطعت الصوت. فقال: ما لك؟ فأخذت أعتذر من غنائي بشعر في مصعب. فضحك وقال: إنّ مصعبا قد مضى وانقطع أثره ولا عداوة بيني وبينه، وإنّما أريد الغناء، فأمض الصوت؛ فعدت فيه فغنّيته. فلم يزل يستعيدنيه حتى أصبح، فشرب مصطبحا وهو يستعيدني هذا الصوت ما يتجاوزه حتى مضت ثلاثة أيّام. ثم قلت له:
  جعلني اللَّه فداء الأمير! أنا رجل تاجر خرجت مع تجّار وأخاف أن يرتحلوا فيضيع مالي. فقال لي: أنت تغدو غدا؛ وشرب باقي ليلته، وأمر لي بثلاثة آلاف دينار فحملت إليّ، وغدوت إلى أصحابي. فلمّا خرجت من عنده سألت عنه، فقيل لي: هذا الأمير الوليد بن يزيد وليّ عهد أمير المؤمنين هشام. فلمّا استخلف بعث إليّ فأتيته، فلم أزل معه حتى قتل.
  صوت من المائة المختارة
  أصواته المعروفة بالزبائب:
  أقصدت زينب قلبي بعد ما ... ذهب الباطل عنّي والغزل
  وعلا المفرق شيب شامل ... واضح في الرأس منّي واشتعل
  الشعر لابن رهيمة المدنيّ. والغناء في اللحن المختار لعمر الواديّ ثاني ثقيل بالبنصر في مجراها عن إسحاق.
  وفيه ليونس الكاتب لحنان: أحدهما خفيف ثقيل / أوّل بالبنصر(٢) في مجرى الوسطى عن إسحاق، والآخر رمل بالسبّابة في مجرى البنصر عنه أيضا. وفيه رملان بالوسطى والبنصر: أحدهما لابن المكَّيّ، والآخر لحكم، وقيل:
  إنه لإسحاق من رواية الهشاميّ. ولحن يونس في هذا الشعر من أصواته المعروفة بالزّيانب، والشعر فيها كلَّها لابن رهيمة في زينب بنت عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام؛ وهي سبعة: أحدها قد مضى. والآخر:
= واسع. (راجع «النقائض» ص ٦٠٧ «وعيون الأخبار» ج ٢ ص ١٧ «والأغاني» ج ١ ص ١١٠ من هذه الطبعة).
(١) في «نهاية الأرب» للنويري (ج ٤ ص ٣١٠ طبع دار الكتب المصرية): «فمكثنا».
(٢) في ح: «أوّل بالخنصر».