1 - ذكر النابغة الجعدي ونسبه وأخباره
  بلغنا السماء مجدنا وجدودنا(١) ... وإنا لنبغي فوق ذلك مظهرا
  / فقال النبيّ ﷺ: «فأين المظهر يا أبا ليلى»؛ فقلت: الجنة؛ فقال: «قل إن شاء اللَّه»؛ فقلت: إن شاء اللَّه.
  ولا خير في حلم إذا لم يكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدّرا
  ولا خير في جهل إذا لم يكن له ... حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا
  فقال النبيّ ﷺ: «أجدت لا يفضض اللَّه فاك»؛ قال: فلقد رأيته وقد أتت عليه مائة سنة أو نحوها وما انفضّ من فيه سنّ.
  أنكر الخمر في الجاهلية وهجر الأزلام والأوثان:
  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال أخبرني أبو حاتم قال أخبرنا أبو عبيدة قال:
  / كان النابغة الجعديّ ممن فكَّر في الجاهلية وأنكر الخمر والسّكر وما يفعل بالعقل، وهجر الأزلام(٢) والأوثان(٣)، وقال في الجاهلية كلمته التي أوّلها:
  الحمد للَّه لا شريك له ... من لم يقلها فنفسه ظلما
  وفد على النبي وأسلم:
  وكان يذكر دين إبراهيم والحنيفيّة، ويصوم ويستغفر، ويتوقّى(٤) أشياء لعواقبها. ووفد على النبيّ ﷺ فقال:
  أتيت رسول اللَّه إذ جاء بالهدى ... ويتلو كتابا كالمجرّة(٥) نيّرا
  وجاهدت حتى ما أحسّ ومن معي ... سهيلا إذا ما لاح ثمّت غوّرا
  أقيم على التقوى وأرضى بفعلها(٦) ... وكنت من النار المخوفة أوجرا(٧)
  وحسن إسلامه، وأنشد النبيّ ﷺ؛ فقال له: «لا يفضض اللَّه فاك»؛ وشهد مع عليّ بن أبي طالب رضي اللَّه تعالى عنه صفّين. وقد ذكر خبره [مع عمر ¥(٨)؛ وأما خبره] مع عثمان فأخبرنا به أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال حدّثنا عمر بن شبّة قال قال مسلمة بن محارب:
(١) في «جمهرة أشعار العرب» (طبع مطبعة بولاق الأميرية):
بلغنا السما مجدا وجودا وصوددا ... وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
وفي «اللسان» (مادة ظهر):
بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا .....
(٢) الأزلام: قداح كانت في الجاهلية مكتوب عليها الأمر والنهي: افعل ولا تفعل، كان الرجل منهم يضعها في وعاء له، فإذا أراد أمرا مهما من سفر أو زواج، أدخل يده فأخرج منها زلما (الزم بفتحتين أو بضم ففتح) فإن خرج الأمر مضى لشأنه، وإن خرج النهي كف عنه ولم يفعله.
(٣) الوثن: الصنم ما كان، وقيل: الصنم الصغير، وقال ابن الأثير: الوثن كل ماله جثة معمولة من جواهر الأرض أو من الخشب والحجارة كصورة الآدميّ تعمل وتنصب فتعبد، والصنم: الصورة بلا جثة، ومنهم من لم يفرق بينهما وأطلقهما على المعنيين.
(٤) كذا في م. وفي باقي الأصول: «يتوقع»، وهو تحريف.
(٥) المجرة: نجوم كثيرة لا تدرك بمجرّد البصر وإنما ينتشر ضوءها فيرى كأنه بقعة بيضاء.
(٦) كذا في م وهو الموافق لما في «الإصابة». وفي باقي الأصول: «بفعله».
(٧) أوجر: خائف، يقال: وجر من الشيء إذا خاف، وبابه كفرح، والوصف منه وجر وأوجر.
(٨) التكملة عن م.