كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

1 - ذكر النابغة الجعدي ونسبه وأخباره

صفحة 14 - الجزء 5

  ويوم مكَّة إذ ماجدتم⁣(⁣١) نفرا ... حاموا⁣(⁣٢) على عقد الأحساب أزوالا⁣(⁣٣)

  عند النّجاشيّ إذ تعطون أيديكم⁣(⁣٤) ... مقرّنين ولا ترجون إرسالا

  إذ تستحبّون⁣(⁣٥) عند الخذل أنّ لكم ... من آل جعدة أعماما وأخوالا

  لو تستطيعون أن تلقوا جلودكم ... وتجعلوا جلد عبد اللَّه سربالا

  - يعني عبد اللَّه⁣(⁣٦) بن جعدة بن كعب -:

  /

  إذا تسربلتم فيه لينجيكم ... ممّا يقول ابن ذي الجدّين إذ قالا

  حتّى وهبتم لعبد اللَّه صاحبه ... والقول فيكم بإذن اللَّه ما فالا⁣(⁣٧)

  تلك⁣(⁣٨) المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا⁣(⁣٩) بماء فعادا بعد أبوالا

  يعني بهذا البيت أن ابن الحيا فخر عليه بأنهم سقوا رجلا من جعدة أدركوه في سفر وقد جهد عطشا لبنا وماء فعاش.

  وقال في هذه القصّة أيضا قصيدته التي أوّلها:

  أبلغ قشيرا والحريش⁣(⁣١٠) فما ... ذا ردّ في أيديكم شتمي

  وفخر عليهم بقتل علقمة الجعفيّ يوم وادي نساح⁣(⁣١١) وقتل شراحيل⁣(⁣١٢) بن الأصهب الجعفيّ، وبيوم رحرحان⁣(⁣١٣) أيضا، فقال فيه:


(١) ماجدتم: فاخرتم وسابقتم في المجد.

(٢) يقال: حامي عن الشيء إذا دافع عنه، وحامى عليه إذا احتفل له. قال الشاعر:

حاموا على أضيافهم فشووا لهم ... من لحم منقية ومن أكباد

فيحتمل هنا أن يكون المراد المعنى الأوّل وتكون «على» بمعنى «عن»، أو المعنى الثاني ويكون معنى الاحتفال بعقد الأحساب (وهي الأواصر التي تربط ذوي الأرحام بعضهم ببعض) هو القيام بما تقتضيه من نصر من يتصل بهم والدفاع عنه.

(٣) أزوال: جمع زول، وهو الفتى الخفيف الظريف والجواد.

(٤) إعطاء اليد: كناية عن الانقياد والمذلة. ومقرنين: مشدودين في القرن وهو الحبل.

(٥) كذا في النسخة المخطوطة المذكورة. وفي جميع الأصول: «تستحقون».

(٦) هو عبد اللَّه بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة خال النابغة الجعديّ (راجع النسخة المذكورة).

(٧) قال: أخطأ. وفي الأصول: «قال». ولعل ما رجحناه هو الصواب.

(٨) روى صاحب «العقد الفريد» هذا البيت ضمن أبيات لأبي الصلت والد أمية بن «أبي الصلت يمدح بها سيف بن ذي يزن مطلعها:

لم يدرك الثأر أمثال ابن ذي يزن ... لجج في البحر للأعداء أحوالا

(صوابه: ليطلب الثأر). ومثله في «معجم البلدان» لياقوت في كلامه على غمدان «والشعر والشعراء» في ترجمة أمية بن أبي الصلت (ص ٢٧٩ - ٢٨٢ طبع أوروبا) وابن جرير الطبري (طبع أوروبا قسم ٣ ص ٩٥٦).

(٩) شيبا: خلطا.

(١٠) كذا في س «الحريش» (بالحاء المهملة) وكذلك صححه المرحوم الشيخ الشنقيطي في نسخته، وهو الحريش بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وفي باقي الأصول: «الجريش» بالجيم المعجمة، وهو تصحيف. (راجع «القاموس» و «شرحه» مادة حرش وكتاب «الاشتقاق» لابن دريد).

(١١) وادي نساح (بكسر النون): باليمامة.

(١٢) أو هو شرحبيل (عن «القاموس» مادتي شراحيل وشرحبيل).

(١٣) رحرحان: جبل قريب من عكاظ خلف عرفات، قيل: هو لغطفان، وكان للعرب فيه يومان سيأتي كلام عليهما في هذا الجزء.