1 - ذكر النابغة الجعدي ونسبه وأخباره
  ألا يا مال ويح سواك أقصر ... أما ينهاك حلمك عن ضلال
  يوما رحرحان:
  وأمّا يوما رحرحان، فأحدهما مشهور قد ذكر في موضع آخر من هذا الكتاب بعقب أخبار الحارث بن ظالم، وهذا اليوم(١) الثاني، فكان الطمّاح الحنفيّ أغار في بني حنيفة وبني قيس بن ثعلبة على بني الحريش بن كعب وبني عبادة بن عقيل وطوائف من بني عبس يقال لهم بنو(٢) حذيفة؛ فركبت بنو جعدة وبنو أبي بكر بن كلاب، ولم يشهد ذلك من بني كلاب غير بني أبي بكر، فأدركوا الطمّاح من يومهم، فاستنفذوا ما أخذه وأصابوا ما كان معه، وقتلوا عددا من أصحابه وهزموهم.
  كعب الفوارس ومقتله:
  قال: وأما ما ذكره(٣) من إدراكهم بثأر كعب الفوارس، فإن كعب الفوارس - وهو ابن معاوية بن عبادة بن البكَّاء - مرّ على بني نهد وعليه سلاحه، فحمل عليه / رجل من نهد(٤) يقال له خليف فقتله وأخذ فرسه وسلاحه؛ ثم إن خليفا بعد ذلك بدهر مرّ على بني جعدة، فرآه مالك بن عبد اللَّه بن جعدة وعليه جبّة كعب وفيها أثر الطعنة، وكان محرما فلم يقدر على قتله، فقال: يا هذا! ألا رقعت هذا الخرق الذي في جبّتك! وجعل يترصّده بعد ذلك، حتى بلغه بعد دهر أنه مرّ ببني جعدة، فركب مالك بن عبد اللَّه بن جعدة فرسا له وقد أخبر أن خليفا مرّ بجنباتهم(٥)، فأدركه فقتله، ثم قال: بؤ بكعب. ثم غزا نواحيهم عبد اللَّه بن ثور بن معاوية بن عبادة بن البكَّاء: جرما ونهدا، وهم يومئذ في بني الحارث، فناداهم بنو البكَّاء: ليس معنا أحد من قومنا غيرنا وإنّ النهديّ قتل صاحبنا محرما؛ فقاتلهم نهد وجرم جميعا يومئذ، وكان عبد اللَّه بن ثور يومئذ على فرس ورد، فأصابوا من نهد يومئذ غنيمة عظيمة، وقتلوا قتلى كثيرة. فقال عبد اللَّه في ذلك:
  /
  فسائل بني جرم إذا ما لقيتهم ... ونهدا إذا حجّت عليك بنو نهد
  فإن يخبروك الحقّ عنا تجدهم ... يقولون أبلى صاحب الفرس الورد
(١) ذكر في كتاب «النقائض» (المطبوع في مدينة ليدن ص ١٠٦٠) تفصيل ليومي رحرحان، فأما الأوّل منهما فهو أن يثربيّ بن عدس بن زيد بن عبد اللَّه بن دارم غزا بني عامر بن صعصعة وعلى بني عامر يومئذ الأحوص بن جعفر فالتقوا فاقتتلوا، فقتل من بني عامر قريط بن عبد اللَّه بن أبي بكر بن كلاب وقتل يثربيّ يومئذ. وأما يوم رحرحان الثاني فمذكور أيضا في كتاب «النقائض» كما هو وارد في «الأغاني» (في الجزء العاشر من طبعة بولاق ص ٣١) وهو الموضع الذي نبه المؤلف هنا أنه ذكر فيه. ويلاحظ بعد هذا أن ما ذكره المؤلف من قوله: «فكان الطماح الحنفيّ ... إلخ» غير واضح الاتصال بأحد هذين اليومين ولا الأسماء التي ذكرت في هذا الخبر مذكورة في الأسماء التي ذكرت في أحد هذين اليومين.
(٢) في م: «بنو خزيمة، فركبت بنو خزيمة». وفي ط: «جذيمة».
(٣) يلاحظ أيضا أنه لم يتقدّم لهذا الخبر ذكر. وقد ذكر مقتل كعب الفوارس هذا والأخذ بثأره، كما هو وارد هنا، في كتاب «النقائض» متصلا بأخبار «يوم فيف الريح» وهو يوم كان بين بني عامر وبين بني الحارث ومن تبعهم من قبائل جعفيّ وزبيد وقبائل سعد العشيرة ومراد وصداء ونهد واستعانوا أيضا بخثعم، (راجع كتاب «النقائض» ص ٤٦٩). ولعل مقتل كعب الفوارس ورد في شعر للنابغة الجعديّ لم يقع إلينا في أصول «الأغاني» التي بين أيدينا.
(٤) في «النقائض» (ص ٤٧١): «قتله خليف بن عبد العزي بن عائذ النهدي»، وأول كلام المؤلف هنا وآخره يؤيد ما أثبتناه وهو أنه من «نهد». وفي الأصول: «من جهم» وهو تحريف.
(٥) جنباتهم: نواحيهم، واحده جنبة بالفتح. وفي م: «حيفاتهم» والحيفة (بالكسر): الناحية أيضا.