كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

1 - ذكر النابغة الجعدي ونسبه وأخباره

صفحة 21 - الجزء 5

  ربيعة بن جعدة، فذادوا بني أسد حتى قتلوا منهم ثلاثين رجلا وردّوهم؛ ولم يظفروا منهم بشيء. وتعلَّقت امرأة من بني أسد بالحكم بن عمرو بن عبد اللَّه بن جعدة وقد أردفها خلفه، فأخذت بضفيرته ومالت به فصرعته، فعطف عليه عبد اللَّه بن مالك بن عدس وهو أبو صفوان، فضرب يدها بالسيف فقطعها وتخلَّصه. وطعن يومئذ وحوح بن / قيس أخو النابغة الجعديّ، فارتثّ⁣(⁣١) في معركة القوم، فأخذه خالد بن نضلة الأسديّ؛ وعطف عليه يومئذ أخوه النابغة، فقال له خالد بن نضلة: هلمّ إليّ وأنت آمن؛ فقال له النابغة: لا حاجة لي في أمانك، أنا على فرسي ومعي⁣(⁣٢) سلاحي وأصحابي قريب، ولكنّي أوصيك بما في العوسجة⁣(⁣٣) (يعني أخاه وحوح بن قيس)؛ فعدل إليه خالد فأخذه وضمّه إليه ومنع من قتله وداواه حتى فدي بعد ذلك. قال: ففي ذلك يقول مدرك العبسيّ⁣(⁣٤):

  أقمت على الحفاظ وغاب فرج ... وفي فرج عن الحسب انفراج

  كذلك فعلنا وحبال عمّي ... وردن بوحوح فلج⁣(⁣٥) الفلاج⁣(⁣٦)

  شعر للنابغة الجعدي:

  ومما قاله النابغة في هذه المفاخرة وغنّي فيه قوله وقد جمع معه كلّ ما يغنّي فيه من القصيدة -:

  الصوت

  هل بالدّيار الغداة من صمم ... أم هل بربع الأنيس من قدم

  أم ما تنادي من ماثل درج السّ ... يل عليه كالحوض منهدم

  غرّاء كالليلة المباركة ألقم ... راء تهدي أوائل الظَّلم

  أكنى بغير اسمها وقد علم ال ... لَّه خفيّات كلّ مكتتم

  / كأنّ فاها إذا تبسّم من ... طيب مشمّ وطيّب⁣(⁣٧) مبتسم

  / يسنّ⁣(⁣٨) بالضّرو من براقش أو ... هيلان أو ضامر⁣(⁣٩) من العتم

  عروضه من المنسرح. وفي الأوّل والثاني والثالث من الأبيات خفيف ثقيل أوّل بالخنصر في مجرى


(١) ارتث: ضرب في الحرب فأثخن وحمل وبه رمق.

(٢) في ط، ء، م: «وعليّ سلاحي».

(٣) العوسجة: واحدة العوسج وهو شجر شائك له ثمر أحمر مدوّر، ولعله يريد بالعوسجة حظيرة أو مظلة متخذة من شجر العوسج.

(٤) في ح: «الفقعسيّ».

(٥) فلج (بالتحريك): مدينة بأرض اليمامة لبني جعدة وقشير وكعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وفلج أيضا: مدينة قيس بن عيلان بن مضر، ويقال لها: فلج الأفلاج. وأصل الفلج النهر أو الماء الجاري، ولعله يقال أيضا: فلج الفلاج، كما ورد في الشعر هنا، لأن فعلا (بالتحريك) يجمع على أفعال وفعال.

(٦) في هذا الشعر إقواء وهو اختلاف حركة الرويّ.

(٧) في ط، ء: «وحسن مبتسم».

(٨) يسنّ (يسناك). والضرو: شجر يسناك به. وبراقش وهيلان: مدينتان عاديتان باليمن خربتا.

(٩) في «اللسان» (مادة برقش) «ومعجم ما استعجم» للبكري «ومعجم البلدان» لياقوت (في الكلام على براقش): «أو ناضر». والعتم (بضمتين): شجر الزيتون.