كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

1 - ذكر النابغة الجعدي ونسبه وأخباره

صفحة 22 - الجزء 5

  البنصر⁣(⁣١)، ذكره إسحاق ولم ينسبه إلى أحد، وذكر ابن المكيّ والهشاميّ أنه لمعبد، وأظنه من منحول يحيى، وذكر حبش أنه لإبراهيم. وفي الثالث وما بعده لابن سريح رمل بالبنصر، وذكر حبش أنّ فيها لإسحاق رملا آخر؛ ولابن مسجح فيها ثقيل أوّل بالبنصر.

  أوّل من سبق إلى الكناية عمن يعني بغيره:

  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال: أوّل من سبق إلى الكناية عن اسم من يعني بغيره في الشعر الجعديّ، فإنه قال:

  أكني بغير اسمها وقد علم ال ... لَّه خفيّات كلّ مكتتم

  فسبق⁣(⁣٢) الناس جميعا إليه واتّبعوه فيه. وأحسن من أخذه وألطفه فيه أبو نواس حيث يقول:

  أسأل القادمين من حكمان⁣(⁣٣) ... كيف خلفتم أبا عثمان

  فيقولون لي جنان كما ... سرّك في حالها فسل عن جنان

  ما لهم لا يبارك اللَّه فيهم ... كيف لم يغن عندهم كتماني

  ذكره الفرزدق وتحدّث عن شعره:

  أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني أبو بكر الباهليّ قال حدّثني الأصمعيّ قال:

  ذكر الفرزدق نابغة بني جعدة فقال: كان صاحب خلقان عنده مطرف بألف، وخمار⁣(⁣٤) بواف، (يعني درهما)⁣(⁣٥).

  وفد على ابن الزبير ومدحه فوصله:

  وحدّثني خبره مع ابن الزبير جماعة، منهم حبيب بن نصر المهلَّبيّ وعمر بن عبد العزيز بن أحمد والحرميّ بن أبي العلاء ووكيع ومحمد بن جرير الطبريّ حدّثنيه من حفظه، قالوا حدّثنا الزبير بن بكَّار قال حدّثنا أخي هارون بن أبي بكر⁣(⁣٦) عن يحيى بن إبراهيم عن سليمان⁣(⁣٧) بن محمد بن يحيى بن عروة عن أبيه عن عمّه عبد اللَّه بن عروة قال:


(١) في ط،: «في مجرى الخنصر».

(٢) كذا في ط، ء، ح. وفي سائر الأصول: «يسبق» وهو تحريف.

(٣) حكمان (بالتحريك): اسم لضياع بالبصرة سميت بالحكم بن أبي العاص الثقفيّ. وهذا اصطلاح لأهل البصرة إذا سموا ضيعة باسم زادوا عليه ألفا ونونا، حتى سموا عبد اللان في قرية سميت بعبد اللَّه. وكانت هذه الضيعة لبني عبد الوهاب الثقفيين موالي جنان صاحبة أبي نواس (انظر «معجم ياقوت» في اسم خكمان).

(٤) الخمار (بالكسر): النصيف وهو ما تغطي به المرأة رأسها، وقد يطلق على العمامة، لأن الرجل يغطي بها رأسه كما تغطيه المرأة بخمارها؛ وفي حديث أم سلمة «أنه كان يسمح على الخف والخمار» أي العمامة.

(٥) الذي في معاجم اللغة أن الوافي درهم وأربعة دوانق أو درهم ودانقان، يعني الفرزدق أن في شعره الجيد المتين والرديء الضعيف.

وقال المرزباني في كتابه الموشح في كلامه على النابغة الجعديّ بعد أن ذكر قول الفرزدق هذا: «قال الأصمعيّ: وصدق الفرزدق، بينا تجد النابغة في كلام أسهل من الزلال وأشدّ من الصخر إذ لان ...» ثم ذكر قصيدته التي منها:

سما لك هم ولم تطرب ... وبت ببث ولم تنصب

وبيّن ما فيها من شعر جيد وآخر رديء.

(٦) هذه كنية أبيه بكار.

(٧) في ب وس: «سليمان محمد». ولعل لفظة «ابن» سقطت سهوا أثناء الطبع.