كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

2 - حرب بكر وتغلب

صفحة 40 - الجزء 5

  وامرئ القيس ميّت يوم أودى ... ثم خلَّى عليّ ذات العراقي⁣(⁣١)

  وكليب سمّ⁣(⁣٢) الفوارس إذ ح ... مّ رماه الكماة بالإيفاق⁣(⁣٣)

  إنّ تحت الأحجار حدّا⁣(⁣٤) ولينا ... وخصيما ألدّ ذا معلاق⁣(⁣٥)

  حيّة في الوجار⁣(⁣٦) أربد لا تن ... فع منه السليم نفثة راق

  فهؤلاء ثمانية من تغلب. قال عامر: والدليل على أنّ القتلى كانوا قليلا أنّ آباء القبائل هم الذين شهدوا تلك الحروب، فعدّوهم وعدّوا بنيهم وبني بنيهم، فإن كانوا خمسمائة فقد صدقوا، فكم عسى أن يبلغ عدد القتلى والقبائل. قال مسمع: إنّ أخي مجنون، وكيف يحتجّ بشعر المهلهل، وقد قتل جحدر أبا مكنف يوم قضة فلم يذكره في شعره، وقتل اليشكريّ ناشرة فلم يذكره في الشعر، وقتل حبيب يوم واردات، وقتل سعد بن مالك يوم قضة ابن القبيحة فلم يذكر، فهؤلاء أربعة. وقال البكريّ:

  تركنا حبيبا يوم أرجف جمعه ... صريعا بأعلى واردات مجدّلا

  / وقال مهلهل أيضا:

  لست أرجو لذّة العيش ما ... أزمت⁣(⁣٧) أجلاد قدّ بساقي

  جلَّلوني جلد حوب⁣(⁣٨) فقد ... جعلوا نفسي عند التّراقي

  وقال آخر⁣(⁣٩) يفخر بيوم واردات:

  ومهراق الدماء بواردات ... تبيد المخزيات وما تبيد

  فقلت لعامر: ما بال مسمع وما احتجّ به من هؤلاء الأربعة؟ فقال عامر: وما أربعة إن كنت أغفلتهم⁣(⁣١٠) فيما يقولون! إنّهم قتلوا يوم كذا⁣(⁣١١) ثلاثة آلاف، ويوم كذا⁣(⁣١١) أربعة آلاف، واللَّه ما أظنّ جميع القوم كانوا يومئذ ألفا! فهاتوا فعدّوا أسماء القبائل وأبناءهم وانزلوا معهم [إلى]⁣(⁣١٢) أبناء أبنائهم، فكم عسى أن يكونوا!


(١) ذات العراقي: الداهية.

(٢) في ب، س: «شمّ» بالشين، وهو تصحيف.

(٣) كذا في «شرح شواهد العيني»، والإيفاق (بكسر الهمزة وسكون الياء بعدها فاء وبعد الألف قاف): إيتار السهم ليرمي به، من أوفقت السهم إذا وضعته على فوقه. وفي الأصول: «بالاتفاق» وهو تصحيف.

(٤) كذا في م، ح. والحدّ: الحدة. وفي سائر الأصول: «جدا» بالجيم.

(٥) المعلاق: اللسان البليغ كأنه يعلق بخصمه، ويروى: «مغلاق» بالغين المعجمة، كأنه يغلق الحجة على خصمه.

(٦) الحية يطلق على الذكر والأنثى. والوجار: حجر الضبع ويستعار لغيرها. والأربد: الذي يضرب لونه إلى السواد.

(٧) أزمت: تقبضت وانضمت.

(٨) كذا صحح هذه الكلمة المرحوم الشيخ الشنقيطي في نسخته. والحوب (بالحاء المهملة المفتوحة والواو): الضخم من الجمال.

والبعير إذا زجر قيل له حوب ولذلك سمى حوبا بزجره كما سمى البغل عدسا بزجره وسمي الغراب غاقا بصوته. وفي ط، ء، م:

«جوب» بالجيم والجوب الترس، وهو بعيد عن السياق. وفي باقي الأصول: «حرف» بالحاء المهملة والراء. والحرف الناقة الضامرة الصلبة.

(٩) هو جرير العجلي وقيل: هو الأخطل. «انظر» اللسان «مادة هرق».

(١٠) كذا في ط، ء، م. وفي سائر الأصول: «لأعقلهم».

(١١) كذا في ط، ء، م. وفي باقي الأصول: «ويوم كذا وكذا ...».

(١٢) الزيادة عن ط.