كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

4 - ذكر عبيد الله بن قيس الرقيات ونسبه وأخباره

صفحة 59 - الجزء 5

  سمع الرشيد قينة تغنى بشعره في مدح بني أمية فغضب فحرّفته:

  أخبرنا محمد بن العبّاس اليزيديّ قال حدّثنا أحمد بن زهير قال حدّثنا الزبير بن بكَّار قال حدّثني عمّي عن جدّي عبد اللَّه بن مصعب⁣(⁣١) قال:

  اعترض هارون الرشيد قينة فغنّت:

  ما نقموا من بني أميّة إلَّا ... أأنهم يحلمون إن غضبوا

  فلما ابتدأت به تغيّر وجه الرشيد، وعلمت أنها قد غلطت وأنها إن مرّت فيه قتلت، فغنّت:

  ما نقموا من بني أميّة إلَّا ... أأنهم يجهلون إن غضبوا

  وأنهم معدن النّفاق فما ... تفسد إلا عليهم العرب

  / فقال الرشيد ليحيى بن خالد: أسمعت يا أبا عليّ؟ فقال: يا أمير المؤمنين تبتاع وتسنى⁣(⁣٢) لها الجائزة ويعجّل لها الإذن ليسكن قلبها؛ قال: ذلك جزاؤها، قومي فأنت منّي بحيث تحبّين. قال: فأغمي على الجارية.

  فقال يحيى بن خالد:

  جزيت أمير المؤمنين بأمنها ... من اللَّه جنات تفوز بعدنها

  ومنها:

  صوت

  تقدّت بي الشّهباء نحو ابن جعفر ... سواء عليها ليلها ونهارها

  تزور امرأ قد يعلم اللَّه أنه ... تجود له كفّ بطيء غرارها

  وواللَّه لولا أن تزور اين جعفر ... لكان قليلا في دمشق قرارها

  عروضه من الطويل. غنّاه معبد ثاني ثقيل بالبنصر. قوله: «تقدّت» أي سارت سيرا ليس بعجل ولا مبطئ، فيقال: تقدّى فلان إذا سار سير من لا يخاف فوت مقصده فلم يعجل. وقوله: «بطيء غرارها» يعني أن منعها المعروف بطيء. وأصل الغرار: أن تمنع الناقة درّتها، ثم يستعار في كل ما أشبه ذلك؛ ومنه قول الراجز:

  إنّ لكلّ نهلات شرّه ... ثم غرارا كغرار الدّرّه

  وقال جميل في مثل ذلك:

  لاحت لعينك من بثينة نار ... فدموع عينك درّة وغرار


(١) في ط، ء، م: «حدّثني عمي مصعب» بحذف جدّه من السند. والزبير بن بكار عمه مصعب بن عبد اللَّه بن مصعب وجدّه عبد اللَّه بن مصعب.

(٢) تسنى: تجزل حتى تكون سنية. وفي ب، س: «تثني» بالثاء المثلثة، وهو تحريف.