4 - ذكر عبيد الله بن قيس الرقيات ونسبه وأخباره
  مجلسه فسلَّمنا عليه فردّ سلامنا؛ ثم قال لنوفل(١): يا أبا سعيد من أشعر، أصاحبنا أم صاحبكم؟ يعني: عبيد اللَّه بن قيس / الرقيّات أو عمر بن أبي ربيعة؛ فقال نوفل: حين يقولان ماذا؟ فقال: حين يقول صاحبنا:
  خليليّ ما بال المطيّ كأنّما ... نراها على الأدبار بالقوم تنكص
  وقد أبعد الحادي سراهنّ وانتحى ... بهنّ فما يألوا عجول مقلَّص
  [وقد قطَّعت أعناقهنّ صبابة ... فأنفسنا ممّا تكلَّف شخّص](٢)
  يزدن بنا قربا فيزداد شوقنا ... إذا زاد طول العهد والبعد ينقص
  ويقول صاحبكم ما شئت؛ قال: فقال له نوفل: صاحبكم أشهر بالقول في الغزل أمتع اللَّه بك، وصاحبنا أكثر أفانين شعر؛ قال: صدقت؛ فلما انقضى ما بينهما من ذكر الشعر، جعل سعيد يستغفر اللَّه ويعقد بيده ويعدّه بالخمس كلَّها حتى وفّى مائة.
  قال البكريّ في حديثه عن عبد الجبّار: فقال مسلم بن وهب: فلما فارقناه قلت لنوفل: أتراه أستغفر اللَّه من إنشاده الشعر في مسجد رسول اللَّه ﷺ؟ قال: كلَّا! هو كثير الإنشاد والاستنشاد للشعر، ولكنّي أحسبه للفخر بصاحبه.
  وفد على حمزة بن الزبير فوصله:
  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزبير قال حدّثنا محمد بن الضحاك عن أبيه قال:
  استأذن عبيد اللَّه بن قيس الرقيات على حمزة بن عبد اللَّه بن الزبير؛ فقالت له الجارية: ليس عليه إذن الآن؛ فقال: أما إنه لو علم بمكاني ما احتجب عنّي! قال: فدخلت الجارية على حمزة فأخبرته، فقال: ينبغي أن يكون هذا ابن قيس الرقيّات، ائذني له، فأذنت له؛ فقال: مرحبا بك يا بن قيس، هل من حاجة / نزعت بك؟ قال: نعم، زوّجت بنين لي ثلاثة ببنات أخ لي ثلاث، وزوّجت ثلاثة من بني أخ لي بثلاث بنات لي؛ قال: فلبنيك الثلاثة أربعمائة دينار أربعمائة دينار، ولبني أخيك الثلاثة أربعمائة دينار أربعمائة دينار، ولبناتك الثلاث ثلاثمائة دينار ثلاثمائة دينار، ولبنات أخيك الثلاث ثلاثمائة دينار، ثلاثمائة دينار، هل بقيت لك من حاجة يا بن قيس؟ قال: لا واللَّه إلا مؤونة السفر؛ فأمر له بما يصلحه لسفره حتى رقاع أخفاف(٣) الإبل.
مررنا بسعيد إلخ. وفي باقي الأصول:» لمعتمر بالراء «وهو تحريف. وقد سبق ذكر هذا الخبر هناك مع بعض مغايرة في الأبيات الآتية بعد، فانظره والحواشي التي كتبت على الشعر هناك.
(١) في ب، س: «ثم قال نوفل» وهو تحريف.
(٢) الزيادة عن ط، ء، م: و «الأغاني» في الموضع الذي أشير إليه في الصفحة السابقة.
(٣) في الأصول «خفاف» بدون ألف، وقد صحح المرحوم الشيخ الشنقيطي هذه الكلمة بإثبات الألف في نسخته، وهو الموافق لما في كتب اللغة من أن الخف للبعير يجمع على أخفاف والخف الذي يلبس يجمع على خفاف.