5 - ذكر مالك بن أبي السمح وأخباره ونسبه
  بمالك بن أبي السّمح «- وإنه كان يأخذ غناء الناس فيزيد فيه وينقص منه وينسبه الناس إليه، وكان إسحاق ينكر ذلك غاية الإنكار، ويقول: غناء مالك كلَّه مذهب واحد لا تباين فيه، ولو كان كما يقول الناس لاختلاف غناؤه، وإنما كان إذا غنّى ألحان معبد الطَّوال خفّفها وحذف بعض نغمها، وقال: أطاله معبد ومطَّطه، وحذفته أنا وحسّنته، فأمّا ألَّا يكون صنع شيئا فلا.
  / أخبرني الحسين بن يحيى قال نسخت من كتاب حمّاد: قرأت(١) على أبي وذكر بكَّار بن النبال(٢):
  أن الوليد قال لمالك: هل تصنع الغناء؟ قال: لا، ولكنّي أزيد فيه وأنقص منه؛ فقال له: فأنت المحلَّي إذا.
  قال إسحاق وذكر الحسن بن عتبة اللَّهبي عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد اللَّه الهاشميّ الحارثيّ(٣) الذي يقال له سنابل - وفيه يقول الشاعر:
  فإن هي ضنّت عنك أو حيل دونها ... فدعها وقل في ابن الكرام سنابل
  - قال: خرجت من مكة أريد أبا العبّاس أمير المؤمنين، فمررت على المدينة فحملت معي مالك بن أبي السّمح، فسألته يوما عن بعض ما ينسب إليه من الغناء؛ فقال: يا أبا الفضل، عليه وعليه إن كان غنّى صوتا قطَّ، ولكني آخذه وأحسّنه وأهيئه وأطيّبه، فأصيب ويخطئون فينسب إليّ. قال إسحاق: وليس الأمر هكذا، لمالك صنعة كثيرة حسنة، وصنعته تجري في أسلوب واحد، ويشبه بعضها بعضا، ولو كان كما قيل لاختلف غناؤه. وقد قيل: إنّ مالكا كان ينتفي من الصنعة لأن أكثر الأشراف هناك كانوا ينكرون عليه، فكان يتبدّل به عند من يراه، وينكره عند من يذمّه، لمحلَّه في بني هاشم.
  / وأخبرني بخبر سنابل هذا محمد بن مزيد قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثني حمزة بن عتبة اللَّهبي عن سنابل، فذكر الخبر وخالف ما رواه إسحاق أنّ الحسن بن عتبة حدّثه وحكاه عن حمزة بن عتبة أخيه.
  أخذ صوتا من حمار:
  أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه عن هشام بن الكلبيّ عن أبيه عن محمد / بن يزيد اللَّيثيّ قال:
  سئل مالك بن أبي السّمح عن صنعته في:
  لاح بالدّير من أمامة نار
  فقال: أخذته واللَّه من خربنده(٤) بالشأم يسوق أحمرة، فكان يترنّم بهذا اللَّحن بلا كلام، فأخذته فكسوته هذا الشعر.
(١) وردت هذه العبارة في ح هكذا: «قرأت على أبي بكر وذكر بكار أن ابن الوليد ... إلخ»، وهو تحريف، إذ لم تعرف لحماد رواية عن أبي بكر ولكنه يروى كثيرا عن أبيه. كما أن المذكور في سياق الخبر هو الوليد لا ابنه.
(٢) فيء: «الينال». وورد في ط مهملا من غير نقط.
(٣) في ط، ء: «الجاري».
(٤) كذا في ب، س، م. والخربنده: المكاري، وهي كلمة فارسية مركبة من «خر» وهو الحمار و «بنده» وهو الخادم. وفي سائر الأصول: «خربندج». والعرب تضع بدل الهاء في آخر الكلمة الفارسية جميعا أو قافا للتعريب؛ مثل طازج وفالوذج في تازه وبالوده، وخندق وفستق في كنده وبسنه.