5 - ذكر مالك بن أبي السمح وأخباره ونسبه
  أخذ صوتا من حائك:
  أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه قال:
  نزل مالك بن أبي السّمح عند رجل بمكة مخزوميّ، وكان له غلام حائك، فأتاه آت فقال: أما سمعت غناء غلامك الحائك؟ قال: لا! أو يغنّي؟ قال: نعم بشعر لأبي دهبل الجمحيّ؛ فبعث إليه فأتاه، فقال: تغنّه؛ فقال: ما أحسن ذاك إلا على حفّي(١)؛ فخرج مولاه ومعه مالك إلى بيته، فلما جلس على حفّه تغنّى:
  تطاول هذا الليل ما يتبلَّج
  / فأخذه مالك عنه وغنّاه فنسبه الناس إليه؛ وكان يقول: واللَّه ما غنيّته قطَّ ولا غنّاه إلَّا الحائك.
  نسبة هذين الصوتين
  صوت
  لاح بالدّير من أمامة نار ... لمحبّ له بيثرب دار
  قد تراها ولو تشاء من القر ... ب لأغناك عن نداها(٢) السّرار
  الشعر للأحوص، ويقال: إنه لعبد الرحمن بن حسّان بن ثابت. والغناء لمالك بن أبي السّمح ثقيل أوّل بإطلاق الوتر في مجرى البنصر. وفيه لحن لمعبد ذكره إسحاق.
  صوت
  تطاول هذا الليل ما يتبلَّج ... وأعيت غواشي سكرتي ما تفرّج
  أبيت بهمّ ما أنام كأنما ... خلال ضلوعي جمرة تتوهّج
  فطورا أمنّي النفس من تكتم(٣) المنى ... وطورا إذا ما لجّ بي الحبّ أنشج(٤)
  عروضه من الطويل، الشعر لأبي دهبل، والغناء لمالك بن أبي السّمح ثقيل أوّل بالبنصر على مذهب إسحاق من رواية عمرو بن بانة.
  هرب مع ابن عائشة يوم مقتل الوليد:
  أخبرني الحسين بن يحيى عن حماد عن أبيه عن جدّه قال:
  قال ابن عائشة: حضرت الوليد بن يزيد يوم قتل، وكان معنا مالك بن أبي السّمح وكان من أحمق الناس، فلما قتل الوليد قال: اهرب بنا؛ فقلت: وما يريدون منا؟ قال: وما يؤمّنك أن يأخذوا رأسينا فيجعلوا رأسه بينهما
(١) كذا في ح. والحف (بالفتح): المنوال والمنسج، وهو أيضا القصبة التي تجيء وتذهب. وفي سائر الأصول: «حقي» بالقاف، وهو تصحيف.
(٢) الندى (بالفتح مقصورا): بعد الصوت.
(٣) كذا في أكثر الأصول. وتكتم (على وزن الفعل المبني للمجهول): اسم المرأة المشبب بها. وفي م: «يكتم الهوى». وفي «الشعر والشعراء» (ص ٣٩١): «عمرة المنى».
(٤) نشج (من باب ضرب): غص بالبكاء في حلقة من غير التحاب.