كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

7 - ذكر باقي خبر الوليد بن عقبة ونسبه

صفحة 98 - الجزء 5

  أنّ رجلا من الأنصار نظر إلى رجل يستعلن بالسّحر، فقال: أو إن السّحر ليعلن به في دين محمد! فقتله؛ فأتي به الوليد بن عقبة فحبسه؛ فقال له دينار بن دينار: فيم حبست؟ فأخبره فخلَّي سبيله؛ فأرسل / الوليد إلى دينار فقتله.

  جندب بن كعب الأسدي وشئ من سيرته:

  أخبرنا أحمد قال حدّثنا عمر قال حدّثنا موسى بن إسماعيل قال حدّثنا حمّاد بن سلمة قال حدّثنا أبو عمران الجونيّ:

  أنّ ساحرا كان عند الوليد بن عقبة، فجعل يدخل في جوف بقرة ويخرج منه؛ فرآه جندب، فذهب إلى بيته فاشتمل على سيف، فلما دخل الساحر في جوف البقرة، قال: أتأتون السّحر وأنتم تبصرون، ثم ضرب وسط البقرة فقطعها وقطع الساحر في البقرة فانذعر⁣(⁣١) الناس، فسجنه الوليد وكتب بذلك إلى عثمان ¥؛ وكان [السجّان]⁣(⁣٢) يفتح له الباب بالليل فيذهب إلى أهله فإذا أصبح دخل السجن.

  أخبرني أحمد قال حدّثنا عمر قال حدّثنا حجّاج بن نصير قال حدّثنا قرّة⁣(⁣٣) عن محمد بن سيرين قال:

  انطلق بجندب بن كعب إلى سجن خارج من الكوفة وعلى السجن رجل نصرانيّ، فلما رأى جندب بن كعب يصوم النهار ويقوم الليل، قال النّصرانيّ: واللَّه إنّ قوما هذا شرّهم لقوم صدق؛ فوكَّل بالسجن رجلا ودخل الكوفة فسأل عن أفضل أهل الكوفة، فقالوا: الأشعث بن قيس؛ فاستضافه، فجعل يرى أبا محمد ينام الليل ثم يصبح فيدعو بغدائه؛ فخرج من عنده فسأل: أيّ أهل الكوفة أفضل؟ فقالوا: جرير بن عبد اللَّه؛ فوجده ينام الليل ثم يصبح فيدعو بغدائه، فاستقبل القبلة ثم قال: ربّي ربّ جندب وديني على دين جندب، وأسلم.

  حدّثني عمي الحسن بن محمد قال حدّثنا الخزّاز⁣(⁣٤) عن المدائنيّ عن عليّ بن مجاهد عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان عن الزّهريّ وغيره، قالوا:

  / لما انصرف رسول اللَّه من غزوة بني المصطلق، نزل رجل فساق بالقوم ورجز، ثم نزل آخر فساق بالقوم ورجز، ثم بدا لرسول اللَّه أن يواسي أصحابه، فنزل فجعل يقول⁣(⁣٥): «جندب وما جندب والأقطع⁣(⁣٦) الخير زيد»؛ فدنا منه أصحابه وقالوا: يا رسول اللَّه ما ينفعنا مشيك مخافة أن تلسعك دابّة الأرض أو تصيبك نكبة؛ فركب ودنوا منه فقالوا: لقد قلت قولا ما ندري ما هو؟ قال: «وما ذاك»؟: قالوا: قولك «جندب وما جندب والأقطع الخير زيد»؛ فقال: «رجلان يكونان في هذه الأمّة يضرب أحدهما ضربة يفرق بين الحق والباطل وتقطع يد الآخر في سبيل اللَّه فيتبع اللَّه آخر جسده بأوّله»؛ فكان زيد بن صوحان، قطعت يده يوم جلولاء⁣(⁣٧) وقتل يوم الجمل مع عليّ. وأما


(١) في ح، ط، ء: «فابذعرّ». وابذعرّ الناس: تفرقوا.

(٢) زيادة عن س.

(٣) هو قرة بن خالد السدوسي. (راجع «تهذيب التهذيب» في اسم قرة وحجاج بن نصير).

(٤) هو أحمد بن الحارث الخزاز الذي تقدّم ذكره كثيرا في «رجال السند».

(٥) في س: «وجعل يقول رجزا وجعل يقول إلخ».

(٦) الأقطع: المقطوع اليد.

(٧) جلولاء: اسم لبليدة ونهر عليه عدّة قرى من سواد بغداد، في طريق خراسان من بغداد. وهناك كانت وقعة جلولاء المشهورة التي كانت للمسلمين على الفرس، وبين جلولاء وبين مدينة خانقين سبعة فراسخ.