7 - ذكر باقي خبر الوليد بن عقبة ونسبه
  زيارة الوليد الكوفة بعد عزله وما حصل بيته وبين أهلها:
  أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدّثنا عمر قال حدّثنا المدائنيّ قال:
  قدم الوليد بن عقبة الكوفة زائرا للمغيرة بن شعبة، فأتاه أشراف أهل الكوفة يسلَّمون عليه، فقالوا: واللَّه ما رأينا بعدك مثلك؛ فقال: أخيرا أم شرّا؟ فقالوا: بل خيرا؛ قال: ولكنّي واللَّه ما رأيت بعدكم شرّا منكم؛ فأعادوا الثناء عليه؛ فقال: بعض ما تثنون به، فو اللَّه إن بغضكم لتلف، وإن حبّكم لصلف.
  ما حصل بينه وبين قبيصة بن جابر بحضرة معاوية:
  قال أبو زيد: وذكروا أن قبيصة بن جابر كان ممن كثّر(١) على الوليد؛ فقال معاوية يوما والوليد وقبيصة عنده:
  يا قبيصة، ما كان شأنك وشأن الوليد؟ فقال: خيرا يا أمير المؤمنين، في أوّل وصل الرّحم وأحسن الكلام فلا تسألنّ عن الشكر وحسن الثناء، ثم غضب على الناس وغضبوا عليه وكنّا منهم، فإمّا ظالمون فنستغفر اللَّه، وإمّا مظلومون فغفر اللَّه له، وخذ في غير هذا يا أمير المؤمنين، فإنّ الحديث ينسي القديم؛ قال: ولم؟ فو اللَّه لقد أحسن السّيرة وبسط الخير وكفّ الشرّ؛ قال: فأنت أقدر على ذلك يا أمير المؤمنين منه فافعل؛ قال: اسكت لا سكتّ، فسكت وسكت القوم؛ فقال له: مالك لا تتحدّث؟ قال: نهيتني عما كنت أحبّ فسكتّ عما أكره.
  دفن هو وأبو زبيد في موضع واحد وشعر أشجع السلميّ في ذلك:
  أخبرني أحمد قال حدّثني عمر قال حدّثني المدائنيّ قال:
  مات الوليد بن عقبة فويق الرّقّة، ومات أبو زبيد، فدفنا جميعا في موضع واحد. فقال في ذلك أشجع السّلميّ وقد مرّ بقبريهما:
  مررت على عظام أبي زبيد ... وقد لاحت ببلقعة صلود(٢)
  وكان له الوليد نديم صدق ... فنادم قبره قبر الوليد
  / وما أدري بمن تبدأ المنايا ... بأحمد(٣) أو بأشجع أو يزيد
  خرج غازيا للروم وقال شعرا:
  أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه عن ابن الكلبيّ عن أبيه قال:
  خرج الوليد بن عقبة غازيا للرّوم وعلى مقدّمته عتبة بن فرقد، فلقيه الروم فقاتلوه؛ فقال له رجل من العرب نصرانيّ: لست على دينكم ولكنّي أنصحكم للنّسب، فالقوم مقاتلوكم إلى نصف / النهار، فإن رأوكم ضعفاء أفنوكم
(١) أي أكثر القول في عيبه والتشنيع عليه.
(٢) البلقع والبلقعة: الأرض القفر. والصلود من الأرض: الغليظة الصلبة التي لا تنبت شيئا.
(٣) كذا ورد فيما سيأتي في نسب أشجع وأخباره في الجزء السابع عشر من «الأغاني» طبع بولاق. وأحمد ويزيد هما أخوا أشجع، وقد ماتوا جميعا كما رتبوا في هذا الشعر، أوّلهم أحمد ثم أشجع ثم يزيد. وأحمد هذا كما قال الصولي: «شاعر قليل المدح للناس، يتغزل في شعره ويذهب مذهب ابن أبي أمية، وكان أسنّ من أشجع». وفي جميع الأصول هنا: «بحمزة» موضع «بأحمد».