7 - ذكر باقي خبر الوليد بن عقبة ونسبه
  وإن صبرتم هربوا وتركوكم؛ فقال سلمان(١) بن ربيعة: يا معشر المسلمين، ما عذركم عند اللَّه غدا إن أصيب عتبة بن فرقد وأصحابه ولم يعنهم أحد منكم!؛ فركب معه ثلاثة آلاف رجل على البغال يجنبون(٢) الخيل، فلحقوا عتبة وأصحابه، فقاتلوا معهم قتالا شديدا حتى هزم اللَّه الروم. فقال الوليد بن عقبة:
  أتاني من الفجّ(٣) الذي كنت آمنا ... بقيّة شذّاذ(٤) من الخيل ظلَّع(٥)
  عليها العبيد يضربون جنوبها ... ونازل منّا كلّ خرق سميذع(٦)
  فإنّي زعيم أن تصيح نساؤهم ... صياح دجاج القرية المتوزّع(٧)
  مدحه الحطيئة وكذبه الحليس النهديّ:
  وقال الحطيئة يمدح الوليد بذلك، وكان قد وصله وكان الوليد جوادا:
  أرى(٨) لابن أروى خلَّتين اصطفاهما ... قتال إذا يلقى العدوّ ونائله
  فتى يملأ الشّيزى(٩) ويروى بكفّه ... سنان الرّدينيّ الأصمّ وعامله(١٠)
  يؤمّ العدوّ حيث كان بجحفل ... يصمّ السميع حرسه وصواهله
  إذا حان منه منزل الليل أوقدت ... لأخراه في أعلى اليفاع(١١) أوائله
  نفيت(١٢) الجعاد(١٣) البيض عن حرّ دارهم ... فلم يبق إلا حيّة أنت قاتله
(١) كذا في ط، ء: وهو سلمان بن ربيعة الباهلي. وفي سائر الأصول: «سليمان»، وهو تحريف. (راجع الطبري قسم ١ ص ٢٨٠٥، و «المعارف» لابن قتيبة ص ٢٢١).
(٢) جنب الدابة: قادها إلى جنبه.
(٣) الفج: الطريق الواسع بين جبلين وهو أوسع من الشعب.
(٤) الشذاذ: القلال والمتفرّقون.
(٥) ظلع: جمع ظالع وهو الذي في مشيته غمز يشبه العرج.
(٦) الخرق من الفتيان: الظريف في سماحة ونجدة. والسميذع: السيد الكريم الموطأ الأكناف.
(٧) المتوزع: المتفرق.
(٨) ورد هذا البيت في ديوانه المخطوط رواية أبي سعيد السكري المحفوظ بدار الكتب المصرية تحت رقم ٣ أدب ش وديوانه المطبوع بأوروبا المحفوظ بدار الكتب المصرية تحت رقم ١١٨٩ أدب هكذا: «أبي لابن أروى خلتان ...». وورد فيهما عقب هذا البيت ما نصه: «أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس وهي أم عثمان بن عفان ¦ وأمها أم حكيم بنت عبد المطلب البيضاء توأمة عبد اللَّه أبي رسول اللَّه ﷺ، وكان يقال لها: الحصان لا تكلم والصناع لا تعلم».
(٩) الشيزى: خشب أسود تعمل منه القصاع، ويطلق على ما صنع من ذلك فيقال للجفان: شيزى. وقد ورد في ديوانه المخطوط والمطبوع ما نصه: «قال الأصمعيّ: كان يرى أنها من شيز لسوادها وإنما هي جوز قد اسودّت من الدسم».
(١٠) الردينيّ: الرمح نسبة إلى ردينة، وهي امرأة رجل اسمه سمهر كان يبيع الرماح بالخط (موضع) فإذا غاب باعت ردينة مكانه، وكانا يثقفان الرماح، فالردينية منسوبة إلى ردينة، والسمهرية منسوبة إلى سمهر. وعامل الرمح: صدره.
(١١) اليفاع كسحاب: التل.
(١٢) رواية البيت في ديوانه المخطوط والمطبوع هكذا:
نفيت الجعاد الغر من عقر دارهم
(١٣) الجعاد: جمع جعد، يقال: رجل جعد القفا إذا كان لئيم الحسب، ويقال: الجعد: البخيل والكريم أيضا فهو من أسماء الأضداد، ويريد بالجعاد البيض: الروم.