كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

8 - نسب إبراهيم الموصلي وأخباره

صفحة 114 - الجزء 5

  ولما رأت ركب النّميريّ أعرضت ... وكنّ من أن يلقينه حذرات

  الشعر للنّميريّ⁣(⁣١) الثّقفيّ. والغناء لابن سريج ثاني ثقيل بالخنصر في مجرى البنصر عن إسحاق ويحيى المكَّيّ وعمرو بن بانة. وذكر حبش أن فيه لعزّة الميلاء لحنا من الثقيل الأوّل.

  أنشده يحيى بن خالد بيتا فثناه وغنى فيه فأجازه:

  أخبرني محمد بن مزيد وأحمد بن جعفر جحظة قالا حدّثنا حمّاد بن إسحاق قال، وأخبرني الصّوليّ قال حدّثني عون بن محمد جميعا عن إسحاق عن أبيه قال:

  رأيت يحيى بن خالد خارجا من قصره الذي عند باب الشّمّاسيّة يريد قصره الذي بباب البردان⁣(⁣٢) وهو يتمثّل:

  صوت

  هوّى بتهامة وهوى بنجد ... فأبلتني⁣(⁣٣) التّهائم والنّجود

  قال أبي: فزدته عليه:

  أقيم بذا وأذكر عهد هذا ... فلي ما بين ذين هوى جديد

  / قال: وصنعت فيه لحنا - قال الصّوليّ في خبره: وهو من خفيف الثّقيل - ثم صرت إليه فغنّيته إيّاه؛ فأمر لي بألف دينار وبدابّته التي⁣(⁣٤) كانت تحته يومئذ بسرجها ولجامها؛ فقلت له: جزاك اللَّه من سيّد خيرا، فإنك تأتي الأنفس وهي شوارد فتقرّها، والأهواء وهي سقيمة فتصحّها؛ فأمر لي بألف دينار أخرى.

  قال إبراهيم: ثم ضرب الدهر من ضربه⁣(⁣٥)، فبينا أنا أسير معه إذ لقيه العبّاس بن الأحنف، وكان ساخطا عليه لشيء بلغه عنه، فترجّل له وأنشده:

  صوت

  باللَّه يا غضبان إلَّا رضيت ... أذاكر للعهد أم قد نسيت

  فقال: بل ذاكر يا أبا الفضل؛ فأضفت إلى هذا البيت:

  لو كنت أبغي غير ما تشتهي ... دعوت أن تبلى كما قد بليت

  وصنعت فيه لحنا - قال الصّوليّ في خبره: هو ثقيل أوّل - قال: وغنّيته به، فأمر لي بألفي دينار وضحك؛ فقلت: من أيّ شيء تضحك يا سيّدي؟ لا زلت ضاحكا مسرورا! فقال: ذكرت ما جرى في الصوت الأوّل وأنه كان


(١) هو محمد بن عبد اللَّه بن نمير، شاعر غزل، من شعراء الدولة الأموية، مولده ومنشؤه بالطائف. وكان يهوى زينب بنت يوسف بن الحكم أخت الحجاج بن يوسف، وله فيها أشعار كثيرة يتشبب بها. وله ترجمة في «الأغاني» (ج ٦ ص ٢٤ طبع بولاق).

(٢) البردان (بفتح الباء الموحدة والراء والدال المهملتين): قرية من قرى بغداد عامرة وهي على شاطئ دجلة الشرقيّ، وبينها وبين بغداد خمسة فراسخ.

(٣) في م: «فأبكتني» بالكاف.

(٤) في ط، ء: «بدابته الذي كان ...» والدابة تطلق على المذكر والمؤنث.

(٥) أي مرّ من مروره ومضى بعضه. (انظر «اللسان» مادة ضرب).