8 - نسب إبراهيم الموصلي وأخباره
  وتنبسط الآمال فيه لفضله ... ولا سيما إن كان من ولد الفضل
  - الشعر لأبي النّضير(١). والغناء لإبراهيم ثقيل أوّل بالبنصر عن الهشاميّ، وذكر عمرو بن بانة أنه لإسحاق، وهو الصحيح. وفيه خفيف ثقيل، أظنه لحن إبراهيم. أخبرني إسماعيل بن يونس عن عمر بن شبّة عن إسحاق أن أباه صنع هذا الصوت في طريقة خفيف الثقيل وعرضه على الفضل، فاستحسنه وأمر مخارقا بإلقائه على جواريه فألقاه على مراقش وقضيب فأخذتاه عنه - قال مخارق: فلما ألقى عليّ الصوت سمعت ما لم أسمع مثله قطَّ، وصغر عندي الأوّل فأحكمته؛ ثم قال: انهض الساعة إلى الفضل بن يحيى، فإنك تجده لم يأذن لأحد بعد، وهو يريد الخلوة مع جواريه اليوم، فاستأذن عليه وحدّثه بحديثنا أمس، وما كان من أبيه إلينا وإليك، وأعلمه أنّي قد صنعت هذا الصوت وكان عندي أرفع منزلة من الصوت الذي صنعته بالأمس، وأني ألقيته عليك حتى أحكمته ووجّهت بك قاصدا لتلقيه على فلانة جاريته؛ فصرت إلى باب الفضل فوجدت الأمر على ما ذكر، فاستأذنت فوصلت؛ وسألني:
  ما الخبر؟ فأعلمته بخبري في اليوم الماضي وما وصل إليّ وإليه من المال؛ فقال: أخزى اللَّه إبراهيم فما أبخله على نفسه!؛ ثم دعا خادما فقال: اضرب السّتارة فضربها، فقال لي: ألقه، فلمّا غنّيته لم أتمّه حتى أقبل يجرّ مطرفه، ثم قعد على وسادة دون السّتارة، وقال: أحسن واللَّه / أستاذك وأحسنت أنت يا مخارق؛ فلم أخرج حتى أخذته الجارية وأحكمته، فسرّ بذلك سرورا شديدا، وقال: أقم عندي اليوم؛ فقلت: يا سيدي إنما بقي لنا / يوم واحد، ولولا أنّي أحبّ سرورك لم أخرج من منزلي؛ فقال: يا غلام احمل مع أبي المهنأ عشرين ألف درهم واحمل إلى إبراهيم مائتي ألف درهم؛ فانصرفت إلى منزلي بالمال، ففتحت بدرة فنثرت منها على الجواري وشربت وسررت أنا ومن عندي يومنا؛ فلما أصبحت بكَّرت إلى إبراهيم أتعرّف خبره وأعرّفه خبري، فوجدته على الحال التي كان عليها أوّلا وآخرا، فدخلت أترنّم وأصفّق؛ فقال لي: ادن؛ فقلت: ما بقي؟ فقال: اجلس وارفع سجف هذا الباب فإذا عشرون بدرة مع تلك العشر(٢)؛ فقلت: ما تنتظر الآن؟ فقال: ويحك! ما هو واللَّه إلا أن حصلت حتى جرت مجرى ما تقدّم؛ فقلت: واللَّه ما أظن أحدا نال في هذه الدولة ما نلته! فلم تبخل على نفسك بشيء تمنّيته دهرا وقد ملَّكك اللَّه أضعافه! ثم قال: اجلس فخذ هذا الصوت؛ وألقى عليّ صوتا أنساني واللَّه صوتيّ الأوّلين:
  صوت
  أفي كلّ يوم أنت صبّ وليلة ... إلى أمّ بكر لا تفيق فتقصر
  أحبّ على الهجران أكناف بيتها ... فيا لك من بيت يحبّ ويهجر
  إلى جعفر سارت بنا كلّ جسرة(٣) ... طواها سراها نحوه والتهجّر
  إلى واسع للمجتدين فناؤه ... تروح عطاياه عليهم وتبكر
  - الشعر لمروان بن أبي حفصة يمدح به جعفر بن يحيى. والغناء لإبراهيم، ولم تقع إلينا طريقته - قال مخارق: ثم قال لي إبراهيم: هل سمعت مثل هذا؟ / فقلت: ما سمعت قطَّ مثله. فلم يزل يردّده عليّ حتى أخذته،
(١) راجع الحاشية رقم ١ ص ١٧٩ من هذا الجزء.
(٢) كذا في ح، وفي سائر الأصول: «مع تلك العشرة» بتأنيث العدد.
(٣) كذا في ط، ء و «نهاية الأرب» (ج ٤ ص ٣٥٥ طبع دار الكتب المصرية) والجسرة: الناقة العظيمة. وفي سائر الأصول: «حرة».