كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

8 - نسب إبراهيم الموصلي وأخباره

صفحة 167 - الجزء 5

  صوت

  يجحدن ديني بالنّهار وأقتضي ... ديني إذا وقد⁣(⁣١) النّعاس الرّقّدا

  وأرى الغواني لا يواصلن امرأ ... فقد الشّباب وقد يصلن الأمردا

  فدعا به الرشيد وقال له: يا عاضّ بظر أمّه! أتغنّي في مدح المرد وذمّ الشّيب وستارتي منصوبة وقد شبت وكأنك تعرّض بي! ثم دعا مسرورا فأمره أن يأخذ بيده فيضربه ثلاثين درّة ويخرجه من مجلسه، ففعل؛ وما انتفعنا به بقيّة يومنا ولا انتفع بنفسه، وجفا علَّويه شهرا، ثم سألناه فيه فأذن له⁣(⁣٢).

  [قال أبو الفرج]⁣(⁣٣): لإبراهيم أخبار مع خنث المعروفة بذات الخال، وكان يهواها، جعلتها في موضع آخر من هذا الكتاب⁣(⁣٤)؛ لأنها منفردة بذاتها مستغنية عن إدخالها في غمار أخباره. وله في هذه الجارية شعر كثير فيه غناء له ولغيره؛ وقد شرطت أن / الشيء من أخبار الشعراء [و] المغنّين إذا كانت هذه سبيله أفرده، لئلا يقطع بين القرائن والنظائر مما تضاف إليه وتدخل فيه.

  شعره ومرضه وزيارة الرشيد له وموته:

  أخبرني محمد بن يحيى الصّوليّ قال حدّثني الحسين بن يحيى قال:

  سمعت إسحاق الموصليّ / يقول: لمّا دخلت سنة ثمان وثمانين ومائة اشتدّ أمر القولنج على أبي ولزمه، وكان يعتاده أحيانا، فقعد عن⁣(⁣٥) خدمة الخليفة وعن نوبته في داره؛ فقال في ذلك:

  صوت

  ملّ واللَّه طبيبي ... من⁣(⁣٦) مقاساة الذي بي

  سوف أنعى عن قريب ... لعدوّ وحبيب

  وغنّى فيه لحنا من الرّمل، فكان آخر شعر قاله وآخر لحن صنعه.

  أخبرني الصّوليّ عن محمد بن موسى عن حمّاد بن إسحاق عن أبيه:

  أن الرشيد ركب حمارا ودخل إلى إبراهيم يعوده وهو في الأبزن جالس، فقال له: كيف أنت يا إبراهيم؟

  فقال: أنا واللَّه يا سيّدي كما قال الشاعر:


(١) وقذه النعاس: أسقطه وغلبه.

(٢) في الأصول هنا، ما عدا ط، ء، بعد هذا الكلام هذه العبارة: «نسبة ما في هذا الخبر من» الأغاني «لم يذكرها»، ولعلها زيدت سهوا من النساخ، إذ لا معنى لها في سياق الكلام.

(٣) زيادة عن ط، ء. وفي باقي الأصول: «ولإبراهيم» بزيادة الواو.

(٤) هذا الموضع يقع في الجزء الخامس عشر طبع بولاق ص ٧٩ - ٨٥.

(٥) كذا في أكثر النسخ. وفي ب، س: «فقعد في الأبزن عن خدمة ... إلخ».

(٦) كذا في ط، ء. وفي سائر الأصول: «عن».