8 - نسب إبراهيم الموصلي وأخباره
  ينوح / في زمره ويدور في المجلس ويقبّل المواضع التي كان أبو إسحاق يجلس فيها ويبكي ويزمر حتّى قضى من ذلك وطرا، ثم ضرب بيده إلى ثيابه فشقّها(١)، وجعلت أسكَّته وأبكي معه، فما سكن إلا بعد حين؛ ثم دعا بثيابه فلبسها وقال: إنما سألتك أن تخلع عليّ لئلا يقال: إن برصوما إنما خرق ثيابه ليخلع(٢) عليه ما هو خير منها؛ ثم قال: امض بنا إلى منزلك فقد اشتفيت مما أردت؛ فعدت إلى منزلي وأقام عندي يومه، وانصرف بخلعة مجدّدة.
  المراثي التي قبلت فيه:
  أخبرني إسماعيل بن يونس قال حدّثني عمر بن شبة قال حدّثني القاسم(٣) بن يزيد قال:
  / لمّا مات إبراهيم الموصليّ دخلت على إبراهيم بن المهديّ وهو يشرب وجواريه يغنّين، فذكرنا(٤) إبراهيم الموصليّ وحذقه وتقدّمه، فأفضنا في ذلك وإبراهيم مطرق، فلمّا طال كلامنا وقال كلّ واحد منا مثل ما قاله صاحبه، اندفع إبراهيم بن المهديّ يغنّي في شعر لابن سيابة يرثي [به](٥) إبراهيم - ويقال: إن الأبيات لأبي الأسد(٦) -:
  تولَّى الموصليّ فقد تولَّت ... بشاشات المزاهر والقيان
  وأيّ بشاشة بقيت فتبقى ... حياة الموصليّ على الزمان
  ستبكيه المزاهر(٧) والملاهي ... وتسعدهنّ عاتقة الدّنان
  وتبكيه الغويّة إذ تولَّى ... ولا تبكيه تالية القران(٨)
  قال: فأبكى من حضر؛ وقلت أنا في نفسي: أفتراه هو إذا مات من يبكيه: ألمحراب أم المصحف؟! قال:
  وكان كالشامت بموته.
  أخبرني يحيى بن عليّ قال قال أنشدني حمّاد قال: أنشدني أبي لنفسه يرثي أباه، وأنشدها غير يحيى وفيها زيادة على روايته:
  أقول له لما وقفت بقبره ... عليك سلام اللَّه يا صاحب القبر
  أيا قبر إبراهيم حيّيت حفرة ... ولا زلت تسقى الغيث من سبل(٩) القطر
  / لقد عزّني(١٠) وجدي عليك فلم يدع ... لقلبي نصيبا من عزاء ولا صبر
(١) كذا في ط، ء. وفي سائر الأصول: «يشقها».
(٢) كذا في ط، ء وفي سائر الأصول: «ليخلع عليه هو خيرا منها».
(٣) في ط، ء: «القاسم بن يزيد الموصلي».
(٤) كذا في ط، ء: وفي سائر الأصول: «فذكرن».
(٥) زيادة عن ط، ء.
(٦) كذا في ط، ء: وهو نباتة بن عبد اللَّه الحماني، من شعراء الدولة العباسية، وقد أورد له أبو الفرج ترجمة في (ج ١٢ ص ١٧٤ طبع بولاق)، وقد ذكرت في ترجمته هذه الأبيات يرثي بها إبراهيم الموصلي. وفي سائر الأصول: «الأسل» باللام، وهو تحريف.
(٧) في س: «المزامر» بالميم.
(٨) القران: القرآن.
(٩) السبل (بالتحريك): ما سال من المطر.
(١٠) عزه الوجد: غلبه.