كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

8 - نسب إبراهيم الموصلي وأخباره

صفحة 170 - الجزء 5

  وقد كنت أبكي من فراقك ليلة ... فكيف وقد صار الفراق إلى الحشر

  أخبرني أحمد بن محمد بن إسماعيل [بن إبراهيم]⁣(⁣١) الموصليّ الملقب بوسواسة⁣(⁣٢) قال: أنشدني حمّاد لأبيه إسحاق يرثي أباه إبراهيم الموصليّ:

  سلام على القبر الذي لا يجيبنا ... ونحن نحيّي تربه ونخاطبه

  ستبكيه أشراف الملوك إذا رأوا ... محلّ التصابي قد خلا منه جانبه

  ويبكيه أهل الظَّرف طرّا كما بكى ... عليه أمير المؤمنين وحاجبه

  ولمّا بدا لي اليأس منه وأنزفت⁣(⁣٣) ... عيون بواكيه وملَّت نوادبه

  وصار شفاء النفس⁣(⁣٤) من بعض ما بها ... إفاضة دمع تستهلّ سواكبه

  جعلت على عينيّ للصبح عبرة ... وللَّيل أخرى ما بدت لي كواكبه

  قال: وأنشدني أيضا حمّاد لأبيه يرثي أباه:

  عليك سلام اللَّه من قبر فاجع ... وجادك من نوء السّماكين وابل⁣(⁣٥)

  / هل أنت محيّي القبر أم أنت سائل ... وكيف تحيّا تربة وجنادل

  أظلّ كأني لم تصبني مصيبة ... وفي الصّدر من وجد عليك بلابل

  وهوّن عندي فقده أنّ شخصه ... على كل حال بين عينيّ ماثل

  أخبرنا يحيى بن عليّ قال حدّثني أبو أيوب المدينيّ قال أنشدني إبراهيم بن عليّ بن هشام لرجل يرثي إبراهيم الموصليّ:

  /

  أصبح اللهو تحت عفر التراب ... ثاويا في محلَّة الأحباب

  إذ ثوى الموصليّ فانقرض اللَّه ... وبخير الإخوان والأصحاب

  بكت المسمعات حزنا عليه ... وبكاه الهوى وصفو الشراب

  وبكت آلة المجالس حتى ... رحم العود دمعة المضراب⁣(⁣٦)

  ذكره ابنه إسحاق عند الرشيد وبكى فلاطفه ووصله:

  أخبرني محمد بن مزيد قال حدّثنا حمّاد عن أبيه قال:


(١) زيادة عن ط، ء.

(٢) في الأصول: «وسواسة» ولقب تتعدّى بالباء.

(٣) أنزفت العين: فنى ماؤها، ويقال أنزف الرجل البئر إذا استخرج ماءها كله، فهو لازم متعد.

(٤) كذا في ط، ء. وفي باقي الأصول: «شفاء الناس».

(٥) وردت هذه الأبيات في ط، ء بزيادة هاء للوصل على رويها وورد فيها الشطر الأخير من البيت الثاني هكذا: «وكيف يحيا تربه وجنادله».

(٦) في ط، ء: «دمعة المحراب». ومن معاني المحراب صدر البيت وأكرم موضع فيه.