كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

8 - نسب إبراهيم الموصلي وأخباره

صفحة 171 - الجزء 5

  دخلت إلى الرشيد بعقب⁣(⁣١) وفاة أبي، وذلك بعد شهر من يوم وفاته، فلمّا جلست ورأيت موضعه الذي كان يجلس فيه خاليا دمعت عيني، فكففتها وتصبّرت؛ ولمحني الرشيد فدعاني إليه وأدناني منه، فقبّلت يده ورجله والأرض بين يديه، فاستعبر، وكان رقيقا؛ فوثبت قائما ثم قلت:

  في بقاء الخليفة الميمون ... خلف من مصيبة المحزون

  لا يضير المصاب رزء إذا ما ... كان ذا مفزع إلى هارون

  فقال لي: كذاك واللَّه هو، ولن تفقد من أبيك ما دمت حيّا إلا شخصه؛ وأمر بإضافة⁣(⁣٢) رزقه إلى رزقي؛ فقلت: بل يأمر أمير المؤمنين به إلى ولده، ففي خدمتي إياه ما يغنيني؛ فقال: اجعلوا رزق إبراهيم لولده وأضعفوا رزق إسحاق.

  صوت من المائة المختارة

  أحد الأصوات من المائة المختارة:

  يا دار سعدى بالجزع⁣(⁣٣) من ملل⁣(⁣٤) ... حيّيت من دمنة⁣(⁣٥) ومن طلل

  إنّي إذا ما البخيل أمّنها ... باتت ضموزا⁣(⁣٦) منّي على وجل⁣(⁣٧)

  لا أمتع العوذ بالفصال ولا ... أبتاع إلا قريبة الأجل

  العوذ: الإبل التي قد نتجت، واحدتها عائذ. يقول: أنحرها وأولادها للأضياف فلا أمتعها. والضّموز:

  الممسكة عن أن تجتّر. ضمز الجمل بجرّته إذا أمسك عنها، ودسع⁣(⁣٨) بها إذا استعملها. يقول: فهذه الناقة من شدة خوفها على نفسها مما رأت من نحر نظائرها قد امتنعت من جرّتها فهي ضامزة.

  الشعر لابن هرمة. والغناء في اللحن المختار لمرزوق الصراف⁣(⁣٩) ثقيل أوّل بإطلاق الوتر في مجرى البنصر


(١) كذا في ط، ء. وفي سائر الأصول: «بعقيب». والعقيب: المعاقب، ويستقيم الكلام به على تقدير محذوف، أي بوقت عقيب وقت وفاة أبيه، أو على أن يكون مصغرا.

(٢) في ط، ء: «بإفاضة».

(٣) الجزع (بالكسر ويفتح): منعطف الوادي ووسطه أو منقطعة. وفي ط، ء: «الخيف» وهو ما انحدر عن غلف الجبل وارتفع عن مسيل الماء.

(٤) ملل (بالتحريك): منزل على طريق المدينة إلى مكة بينه وبين المدينة ثمانية وعشرون ميلا.

(٥) في ب: «دجنة» بالجيم، وهو تحريف.

(٦) كذا في ط، ء. وفي سائر الأصول: «بانت ضمورا» وهو تصحيف.

(٧) ورد هذا البيت والذي بعده في «الأمالي» (ج ٣ ص ١١٠ طبع دار الكتب المصرية) بتقديم الذي بعده عليه، وهو الأنسب ليرجع الضمير فيه إلى مذكور. وفي تفسير المؤلف للبيتين ما يشعر بهذا الترتيب.

(٨) كذا في ط، ء. ودسع الرجل: قاء ملء الفم. وفي ب، س: «رسغ» (بالراء والغين المعجمة). وفي سائر الأصول: «رسع» بالراء والعين المهملة، وكلاهما تحريف.

(٩) كذا في ط، ء، أهنا وفيما سبق في جميع الأصول في الجزء الرابع في آخر ترجمة فليح بن أبي العوراء. وفي سائر الأصول هنا:

«لمرزوق الضراب».