11 - أخبار إسحاق بن إبراهيم
  البيت الثاني، فليردده؛ فردّه فنقص من أجزائه وفسمته، فعرّفته فأقرّ به؛ فقلت: يا أمير المؤمنين، هذه صناعتي وصناعة آبائي وإبراهيم يكلَّمني فيها، وأنا أسأله عن ثلاثين مسألة من باب واحد في طريق الغناء لا يعرف منها مسألة واحدة؛ فقال: أو يعفيني أمير المؤمنين من كلامه؟ فأعفاه.
  وقد أخبرني بهذا الخبر الحسن بن عليّ قال حدّثنا يزيد بن محمد المهلَّبي عن إسحاق؛ فذكر نحوا مما ذكره يحيى، وذكر أنّ القصة كانت بين يدي المعتصم؛ وزاد فيها فقال:
  أنا أسأله عن ثلاثين مسألة وأوقفه على خطئه فيها، فإن لم يقرّ بذلك أقرّ به مخارق وعلَّويه؛ فقال: أو يعفيني أمير المؤمنين من كلامه! فإنه يعدل عندي البختج(١)؛ قلت: يا أمير المؤمنين، وما يفعل البختج؟ قال: يسلح؛ قلت(٢): قد واللَّه فعل ذلك كلامي به، ومنه هرب؛ فضحك وغطَّى فاه وقام؛ فظنّ إسحاق بن إبراهيم المصعبيّ أنّي قد أغضبته، فضرب بيده إلى السيف؛ فقلت له: لا تحسب أنّي أغضبته؛ فما كنت لأكلَّم عمّه بين يديه بهزء(٣) من غير إذنه، فأمسك؛ وكان لا يقدم أحد أن يكلَّم الخليفة بحضرته بما فيه الوهن إلا بادر إلى سيفه تعظيما للأمير(٤) وإجلالا له.
  عرف في مجلس المأمون خطأ في وتر بين ثمانين وترا وعشرين جارية يغنين:
  أخبرني يحيى بن عليّ قال حدّثنا أحمد بن القاسم الهاشميّ عن إسحاق، وأخبرني الحسين بن يحيى قال حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه قال:
  / دعاني المأمون وعنده إبراهيم بن المهديّ، وفي مجلسه عشرون جارية قد أجلس عشرا عن يمينه وعشرا عن يساره ومعهنّ العيدان يضربن بها؛ فلمّا دخلت سمعت من الناحية اليسرى خطأ فأنكرته؛ فقال المأمون: يا إسحاق، أتسمع خطأ؟ فقلت: نعم واللَّه يا أمير المؤمنين؛ فقال لإبراهيم: هل تسمع خطأ؟ فقال: لا؛ فأعاد عليّ السؤال، فقلت: بلى واللَّه / يا أمير المؤمنين، وإنه لفي الجانب الأيسر؛ فأعاد إبراهيم سمعه إلى الناحية اليسرى ثم قال: لا واللَّه يا أمير المؤمنين، ما في هذه الناحية خطأ؛ فقلت يا أمير المؤمنين: مر الجواري اللواتي على اليمين يمسكن، فأمرهنّ فأمسكن؛ فقلت لإبراهيم: هل تسمع خطأ؟ فتسمّع ثم قال: ما ها هنا خطأ؛ فقلت: يا أمير المؤمنين، يمسكن وتضرب الثامنة. فأمسكن وضربت الثامنة، فعرف إبراهيم الخطأ، فقال: نعم يا أمير المؤمنين، هاهنا خطأ؛ فقال عند ذلك لإبراهيم: يا إبراهيم، لا تمار إسحاق بعدها؛ فإن رجلا فهم الخطأ بين ثمانين وترا وعشرين حلقا لجدير ألَّا تماريه؛ فقال: صدقت يا أمير المؤمنين. وقال الحسين بن يحيى في خبره: وكان في الأوتار كلَّها مثنى فاسد التسوية. وقال فيه: فطرب أمير المؤمنين المأمون، وقال: للَّه درّك يا أبا محمد؛ فكنّاني يومئذ.
  ثناء الواثق عليه:
  أخبرني أحمد بن جعفر جحظة قال حدّثني أحمد بن حمدون قال:
(١) البخنج (كقنفذ كما جاء في «شرح القاموس»): العصير المطبوخ.
(٢) في جميع الأصول: «قال» وهو لا يتفق مع السياق.
(٣) في ح: «بهرا» بالراء، والبهر: القذف والبهتان. وفي أ، ء، م: «بهذا».
(٤) في ح، ء: «للأمر».