كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

11 - أخبار إسحاق بن إبراهيم

صفحة 283 - الجزء 5

  نعي إسحاق إلى المتوكَّل في وسط خلافته، فغمّه وحزن عليه، وقال: ذهب صدر عظيم من جمال الملك وبهائه وزينته؛ ثم نعي إليه بعده أحمد بن عيسى بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ~، فقال: تكافأت الحالتان، وقام الفتح بوفاة أحمد - وما كنت آمن وثبته عليّ - مقام الفجيعة بإسحاق؛ فالحمد للَّه على ذلك.

  حدّثني أحمد بن جعفر جحظة قال حدّثني رجل من الكتّاب من أهل قطربّل قال حدّثني أبي عن أبيه قال:

  رأيت فيما يرى النائم قائلا يقول لي:

  مات الحسان ابن الحسا ... ن ومات إحسان الزمان

  فأصبحت من غد فركبت في بعض حوائجي، فتلقّاني خبر وفاة إسحاق الموصليّ.

  ما رثاه به الشعراء:

  وقال / إدريس بن أبي حفصة يرثي إسحاق بن إبراهيم الموصليّ:

  سقي اللَّه يا بن الموصليّ بوابل ... من الغيث قبرا أنت فيه مقيم

  ذهبت فأوحشت الكرام فمايني ... بعبرته يبكي عليك كريم

  إلى اللَّه أشكو فقد إسحاق إنّني ... وإن كنت شيخا بالعراق يتيم

  وقال محمد بن عمرو الجرجاني يرثيه:

  على الحدث الشرقيّ عوجا فسلَّما ... ببغداد لمّا ضنّ عنه عوائده

  وقولا له لو كان للموت فدية ... فداك من الموت الطَّريف وتالده

  أإسحاق لا تبعد وإن كان قد رمى ... بك الموت وردا ليس يصدر وارده

  / إذا هزل اخضرّت فنون حديثه ... ورقّت حواشيه وطابت مشاهده

  وإن جدّ كان القول جدّا وأقسمت ... مخارجه ألَّا تلين معاقده

  فبكّ على ابن الموصليّ بعبرة ... كما ارفضّ من نظم الجمان فرائده

  وقال مصعب بن عبد اللَّه الزّبيريّ يرثيه - نسخت ذلك من كتاب جعفر بن قدامة، وذكر أن حمّاد بن إسحاق أنشده إياها، ونسخته أيضا من كتاب الحرميّ بن أبي العلاء يذكر فيه عن الزّبير عن عمّه مصعب أنه أنشده لنفسه يرثي إسحاق -:

  أتدري لمن تبكي العيون الذّوارف ... وينهلّ منها واكف ثم واكف

  نعم لامرئ لم يبق في الناس مثله ... مفيد لعلم أو صديق ملاطف

  تجهّز إسحاق إلى اللَّه غاديا ... فللَّه ما ضمّت عليه اللفائف

  وما حمل النعش المزجّى عشيّة ... إلى القبر إلا دامع العين لاهف