كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

11 - أخبار إسحاق بن إبراهيم

صفحة 284 - الجزء 5

  صدورهم مرضى عليه عميدة ... لها أزمة⁣(⁣١) من ذكره وزفازف

  ترى كلّ محزون تفيض جفونه ... دموعا على الخدّين والوجه شاسف⁣(⁣٢)

  جزيت جزاء المحسنين مضاعفا ... كما كان جدواك النّدى المتضاعف

  فكم لك فينا من خلائق جزلة ... سبقت بها منها حديث وسالف

  هي الشّهد أو أحلى إلينا حلاوة ... من الشهد لم يمزج به الماء غارف

  ذهبت وخلَّيت الصديق بعولة ... به أسف من حزنه مترادف

  / إذا خطرات الذكر عاودن قلبه ... تتابع منهنّ الشؤون النوازف

  حبيب إلى الإخوان يرزون⁣(⁣٣) ماله ... وآت لما يأتي امرؤ الصدق عارف

  هو المنّ والسّلوى لمن يستفيده ... وسمّ على من يشرب السمّ زاعف

  بكت داره من بعده وتنكَّرت ... معالم من آفاقها⁣(⁣٤) ومعارف

  فما الدار بالدار التي كنت أعتري ... وإنّي بها لولا افتقاديك عارف

  هي الدار إلَّا أنّها قد تخشّعت ... وأظلم منها جانب فهو كاسف

  وبان الجمال والفعال كلاهما ... من الدار واستنّت⁣(⁣٥) عليها العواصف

  / خلت داره من بعده فكأنما ... بعاقبة لم يغن في الدار طارف

  وقد كان فيها للصديق معرّس⁣(⁣٦) ... وملتمس إن طاف بالدار طائف

  كرامة إخوان الصفاء وزلفة ... لمن جاء تزجيه إليه الرّواجف

  صحابته الغرّ الكرام ولم يكن ... ليصحبه السّود اللئام المقارف⁣(⁣٧)

  يؤول إليه كلّ أبلج شامخ ... ملوك وأبناء الملوك الغطارف

  فلقّيت في يمنى يديك صحيفة ... إذا نشرت يوم الحساب الصحائف

  يسرّ الذي فيها إذا ما بدا له ... ويفترّ منها ضاحكا وهو واقف

  بما كان ميمونا على كلّ صاحب ... يعين على ما نابه ويكانف


(١) أزمة: ضيق وشدة. وزفازف (واحدها زفزفة) وهي في الأصل حنين الريح وصوتها في الشجر. يريد أنه يكون بصدورهم عند ذكره نشيج وزفير من الحزن عليه.

(٢) الشاسف: اليابس ضمرا وهزالا.

(٣) يرزون: أصله يرزؤن، سهلت همزته ثم حذفت لإسناد الفعل إلى ضمير الجمع.

(٤) في الأصول: «آفاتها»، ولا يستقيم بها الكلام. وقد آثرنا ما أثبتناه لاستقامة الكلام به مع قرب رسمه من رسم ما في الأصول.

(٥) استنت: انصبت.

(٦) المعرّس: موضع التعريس وهو نزول القوم آخر الليل للاستراحة من السفر؛ وقيل: التعريس النزول في المعهد أيّ حين كان من ليل أو نهار.

(٧) المقارف: الأنذال، وهم أيضا الذين أمهم عربية وأبوهم غير عربي.