4 - أخبار أعشى همدان ونسبه
  سأل أعشى همدان شجرة بن سليمان العبسيّ حاجة فردّه عنها، فقال يهجوه:
  لقد كنت خيّاطا فأصبحت فارسا ... تعدّ إذا عدّ الفوارس من مضر
  فإن كنت قد أنكرت هذا فقل كذا ... وبيّن لي الجرح الذي كان قد دثر(١)
  وإصبعك الوسطى عليه شهيدة ... وما ذاك إلا وخزها(٢) الثوب بالإبر
  قال وكان يقال: إن شجرة كان خيّاطا، وقد كان ولي للحجّاج بعض أعمال السواد. فلما قدم على الحجّاج قال له: يا شجرة، أرني إصبعك أنظر إليها؛ قال: أصلح اللَّه الأمير، وما تصنع بها؟ قال: أنظر إلى صفة الأعشى؛ فخجل شجرة. فقال الحجاج لحاجبه: مر المعطي أن يعطى الأعشى من عطاء شجرة كذا وكذا. يا شجرة، إذا أتاك امرؤ ذو حسب ولسان فاشتر عرضك منه.
  أسبره الحجاج وذكره بشعر قاله ليبكته ثم قتله:
  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال حدّثنا محمد بن يزيد الأزديّ قال حدّثنا أحمد بن عمرو الحنفيّ عن جماعة - قال المبرّد: أحسب أن أحدهم مؤرّج بن عمرو السّدوسيّ - قالوا:
  لما أتي الحجاج بن يوسف الثقفيّ بأعشى همدان أسيرا، قال: الحمد للَّه الذي أمكن منك، ألست القائل:
  /
  لمّا سفونا(٣) للكفور الفتّان ... بالسيّد الغطريف عبد الرحمن(٤)
  سار بجمع كالقطا(٥) من قحطان ... ومن معدّ قد أتى ابن عدنان
  أمكن ربّي من ثقيف همدان ... يوما إلى الليل يسلَّي ما كان
  إنّ ثقيفا منهم الكذّابان ... كذّابها الماضي وكذاب ثان
  أو لست القائل:
  يا بن الأشجّ(٦) قريع كن ... دة لا أبالي فيك عتبا
  أنت الرئيس ابن الرئي ... س وأنت أعلى الناس كعبا
  نبئّت حجّاج بن يو ... سف خرّ من زلق فتبّا
  فانهض فديت لعلَّه ... يجلو بك الرحمن كربا
  وابعث عطيّة(٧) في الخيو ... ل يكبّهنّ عليه كبّا
(١) في ب، س: «دبر». وهو تصحيف.
(٢) كذا في ب، س. وفي سائر الأصول: «وخزك».
(٣) كذا في أكثر الأصول. وسفا: خف وأسرع. وفي ب، س: «سمونا».
(٤) ورد هذا الشعر في «الطبري» (ق ٢ ص ١٠٥٦) على غير هذا الترتيب وبزيادات كثيرة.
(٥) في «الطبري»: «كالدبى» والدبى: الجراد.
(٦) الأشج: هو الأشعث بن قيس الكندي جد عبد الرحمن بن محمد المعني في هذا الشعر. والقريع: السيد.
(٧) هو عطية بن عمرو العنبري، وكان على مقدّمة جيوش عبد الرحمن بن الأشعث إلى العراق. وقد بعث إليه الحجاج بالخيل فجعل عطية لا يلقى خيلا إلا هزمها. فقال الحجاج من هذا؟ فقيل عطية. فذلك قول الأعشى: وابعث عطية ... إلخ.