6 - أخبار حماد الراوية ونسبه
  برجله: فجرّوا برجلي حتى أخرجت من بين يديه مسحوبا، فتخرّق السواد وانكسر جفن السيف ولقيت شرا عظيما مما جرى عليّ؛ وكان أغلظ من ذلك كلَّه وأشدّ بلاء إغرامي ثمن السّواد وجفن السيف؛ فلما / انصرفت أتاني مطيع يتوجّع لي؛ فقلت له: ألم أخبرك أني لا أصيب منهم خيرا وأنّ حظَّي قد مضى مع بني أمية!.
  حديثه مع مأبون:
  حدّثني جعفر بن قدامة قال حدّثني أحمد بن أبي طاهر قال:
  بلغني أن رجلا تحدّث في مجلس حماد الراوية فقال: بلغني أن المأبون له رحم كرحم المرأة - قال: وكان الرجل يرمى بهذا الداء - فقال حماد لغلامه: اكتب هذا الخبر عن الشيخ، فإن خير العلم ما حمل عن أهله.
  كتب إلى بعض الأشراف شعرا يسأله جبة فأرسلها إليه:
  قال: وكتب حماد الراوية إلى بعض الأشراف الرؤساء قال:
  إن لي حاجة فرأيك فيها ... لك نفسي فدّى من الأوصاب
  وهي ليست مما يبلَّغها(١) غي ... ري ولا يستطيعها في كتاب
  غير أنّي أقولها حين ألقا ... ك رويدا أسرّها في حجاب
  فكتب إليه الرجل: اكتب إليّ بحاجتك ولا تشهرني بشعرك؛ فكتب إليه حماد:
  إنني عاشق لجبّتك الدّك ... ناء عشقا قد حال دون الشراب
  فاكسنيها فدتك نفسي وأهلي ... أتباهى بها على الأصحاب
  ولك اللَّه والأمانة أن أج ... علها عمرها أمير ثيابي
  فبعث إليه بها. وقد رويت هذه القصة لمطيع بن إياس.
  هو والخزيمي وغلام أمرد:
  أخبرني الحسين بن يحيى عن حماد بن إسحاق عن أبيه قال حدّثني أبو يعقوب الخزيميّ(٢) قال:
  / كنت في مجلس فيه حماد عجرد وحماد الرواية ومعنا غلام أمرد، فنظر إليه حماد الراوية نظرا شديدا وقال لي: يا أبا يعقوب، قد عزمت الليلة على أن أدبّ على هذا الغلام؛ فقلت: شأنك به؛ ثم نمنا، فلم أشعر بشيء إلا وحماد ينيكني، وإذا أنا قد غلطت ونمت في موضع الغلام، فكرهت أن أتكلَّم فينتبه الناس فأفتضح وأبطل عليه ما أراد، فأخذت بيده فوضعتها على عيني العوراء ليعرفني؛ فقال: قد عرفت الآن، فيكون ماذا! وفديناه بذبح عظيم.
  قال: وما برح(٣) علم اللَّه وأنا أعالجه جهدي فلا ينفعني حتى أنزل.
(١) كذا في «مختار الأغاني» و «تجريد الأغاني». وفي الأصول: «يبلغه».
(٢) الخزيمي: هو إسحاق بن حسان، ويكنى أبا يعقوب. وقد ورد في «الشعر والشعراء» باسم الخريمي (بالراء). والظاهر أن هذه الرواية أصح لأنه كان مولى ابن خريم الذي يقال لأبيه: خريم الناعم وهو خريم بن عمرو من بني مرة (راجع «الشعر والشعراء» ص ٥٤٢ طبع ليدن والكامل للمبرد ص ٣٢٨ طبع أوروبا).
(٣) في جميع الأصول: «قال: وما علم اللَّه برح ... إلخ» وهو خطأ يحتمل أن يكون من الناسخ، إذ لا يصح الفصل بين ما النافية والأفعال الناقصة، لأن ما لما لزمت هذه الأفعال وصارت معها بمعنى الإثبات صارت كجزئها.