كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

6 - أخبار حماد الراوية ونسبه

صفحة 349 - الجزء 6

  عاب شعرا لأبي الغول فهجاه:

  حدّثني الأسدي أبو الحسن قال حدّثنا الرّياشي قال حدّثنا أبو عبد اللَّه الفهميّ قال:

  عاب حمّاد الراوية شعرا لأبي⁣(⁣١) الغول فقال يهجوه:

  /

  نعم الفتى لو كان يعرف ربّه ... ويقيم وقت صلاته حماد

  هدلت مشافره الدّنان فأنفه ... مثل القدوم يسنّها الحدّاد

  وابيض من شرب المدامة وجهه ... فبياضه يوم الحساب سواد

  لا يعجبنّك بزّه وثيابه ... إن اليهود ترى لها أجلاد⁣(⁣٢)

  حمّاد يا ضبعا تجرّ جعارها⁣(⁣٣) ... أخنى⁣(⁣٤) لها بالقريتين جراد

  سبعا يلاعبها ابنها وبناتها ... ولها من الخرق الكبار وساد⁣(⁣٥)

  قال معنى قوله:

  أخنى لها بالقريتين جراد

  هو مثل قول العرب للضّبع: خامري⁣(⁣٦) أمّ عامر، أبشري بجراد عظال⁣(⁣٧) وكمر رجال؛ فإن الضبع تجيء إلى القتيل وقد استلقى على قفاه، وانتفخ غرموله فكان كالمنعظ، فتحتكّ به وتحيض من الشهوة، فيثب عليها الذئب حينئذ فتلد منه السّمع، وهو دابة، لا يولد له مثل البغل. وفي مثل هذا المعنى يقول الشّنفري⁣(⁣٨) الأزدي.

  /

  تضحك الضّبع لقتلى هذيل ... وترى الذئب لها يستهلّ⁣(⁣٩)

  تضحك⁣(⁣١٠): تحيض.


(١) نسبت هذه الأبيات لحماد بن الزبرقان كما نسبت لبشار بن برد يهجو بها حماد عجرد (راجع «الحيوان» للجاحظ ج ٤ ص ١٤٢ طبع الساسي. وابن خلكان في ترجمة حماد عجرد).

(٢) أجلاد الإنسان: جماعة شخصه أو جسمه وبدنه، يقال فلان عظيم الأجلاد إذا كان ضخما قوي الأعضاء والجسم.

(٣) الجعار: جمع جعر (بفتح فسكون)، والجعر: نحو كل ذات مخلب من السباع. وجعار (كقطام): اسم للضبع لكثرة جعرها.

(٤) كذا في ب، س. وأخنى الجراد: كثر بيضه. وقد وردت هذه الكلمة في سائر الأصول محرفة.

(٥) كذا ورد هذا البيت في جميع الأصول وهو غير ظاهر المعنى.

(٦) خامري: استتري. وأم عامر: الضبع، وهي كما زعموا من أحمق الدواب لأنهم إذا أرادوا صيدها رموا في حجرها بحجر فتحسبه شيئا تصيده فتخرج لتأخذه فتصاد عند ذلك. ويقال لها: أبشري بجراد عظال وكمر رجال، فلا يزال يقال لها ذلك حتى يدخل عليها رجل فيربط يديها ورجليها ثم يجرها. يضرب هذا المثل لمن يرتاع من كل شيء جبنا وقيل هو مثل لمن عرف الدنيا ثم يسكن إليها مع ما علم من عادتها كما تغتر الضبع بقول القائل: خامري أم عامر.

(٧) الجراد العظال: الذي ركب بعضه بعضا كثرة.

(٨) في نسبة القصيدة التي منها هذا البيت للشنفري خلاف، فقيل إنها لتأبط شرا، وقيل لابن أخته، كما رجح أن تكون لخلف الأحمر (راجع «شرح أشعار الحماسة» للتبريزي ص ٣٨٢ طبع أوروبا).

(٩) يستهل: يصيح ويستغوي الذئاب. واستهل الصبي بالبكاء: رفع صوته وصاح عند الولادة وكل شيء ارتفع صوته فقد استهل.

(١٠) قال التبريزي في «شرح الحماسة» في التعليق على هذا البيت: «قول من قال تضحك بمعنى تحيض ليس بشيء». وفي «لسان العرب» مادة ضحك في الكلام على هذا البيت: «قال أبو العباس: تضحك هاهنا: تكشر وذلك أن الذئب ينازعها على القتيل فتكشر في وجهه وعيدا فيتركها مع لحم القتيل ويمر ... وقال ابن الأعرابي: أي أن الضبع إذا أكلت لحوم الناس أو شربت دماءهم طمثت؛ وكان ابن دريد يردّ هذا ويقول: من شاهد الضباع عند حيضها فيعلم أنها تحيض، وإنما أراد الشاعر أنها تكشر لأكل اللحوم، وقيل