كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

7 - أخبار عبادل ونسبه

صفحة 361 - الجزء 6

  في يوم لا مال عند المرء ينفعه ... إلا السّنان وإلا الرمح⁣(⁣١) والدّرق

  يطعن بالرمح أحيانا ويضربهم ... بالسيف ثم يدانيهم فيعتنق

  وهذا البيت سرقه ابن هرمة من زهير ومن مهلهل جميعا، فإنهما سبقا إليه. قال مهلهل وهو أقدمهما:

  أنبضوا⁣(⁣٢) معجس⁣(⁣٣) القسيّ وأبرق⁣(⁣٤) ... نا كما توعد الفحول الفحولا

  يعني أنهم لما أخذوا القسيّ ليرموهم من بعيد انتضوا سيوفهم ليخالطوهم ويكافحوهم بها⁣(⁣٥).

  وقال زهير - وهو أشرح من الأوّل -:

  يطعنهم ما ارتموا حتى إذا اطَّعنوا ... ضارب حتى إذا ما ضاربوا اعتنقا

  فما ترك في المعنى فضلا لغيره.

  رجع إلى شعر ابن هرمة:

  يكاد بابك من جود ومن كرم ... من دون بوّابه للناس يندلق

  / - ويروى: «إذا أطاف به الجادون». و «العافون» أيضا. ويروى: «ينبلق» -:

  مدح والي المدينة بعد عبد الواحد فجفاه ثم رضي عنه بشفاعة عبد اللَّه بن الحسن:

  إنّي لأطوي رجالا أن أزورهم ... وفيهم عكر الأنعام والورق⁣(⁣٦)

  طيّ الثياب التي لو كشّفت وجدت ... فيها المعاوز⁣(⁣٧) في التفتيش والخرق

  وأترك الثوب يوما وهو ذو سعة ... وألبس الثوب وهو الضيّق الخلق

  إكرام نفسي وأني لا يوافقني ... ولو ظمئت فحمت المشرب الرّنق⁣(⁣٨)

  قال هارون⁣(⁣٩) بن الزيات في خبره: فلما قال ابن هرمة هذه القصيدة أنشدها عبد الواحد بن سليمان - وهو إذ ذاك أمير الحجاز - فأمر له بثلاثمائة دينار وخلعة موشيّة من ثيابه، وحمله على فرس وأعطاه ثلاثين لفحة ومائة شاة، وسأله عما يكفيه في كل سنة ويكفي عياله من البرّ والتمر، فأخبره به؛ فأمر له بذلك أجمع لسنة، وقال له: هذا لك عليّ ما دمت ودمت في الدنيا، واقتطعه لنفسه⁣(⁣١٠) وأنس به، وقال له: لست بمحوجك إلى غيري أبدا. فلما عزل عبد الواحد بن سليمان عن المدينة، تصدّى للوالي مكانه وامتدحه. ولم يلبث أن ولي / عبد الواحد بعد ذلك وبلغه


(١) في ح: «وإلا السيف».

(٢) كذا في ح. وأنبض الرامي القوس وعن القوس: جذب وترها لتصوت. وفي سائر الأصول: «انتضوا»، وهو تصحيف.

(٣) المعجس (كمجاس): مقبض القوس.

(٤) أبرق الرجل: لمع بسيفه.

(٥) كذا في ح. وفي سائر الأصول: «ويكافحوهم بالسيوف».

(٦) العكر (محركة): جمع عكرة وهي القطيع الضخم من الإبل، قيل: هي ما فوق خمسمائة من الإبل، وقيل: ما بين الخمسين إلى المائة. والورق: المال من الإبل والغنم.

(٧) كذا في ح. والمعاوز: خلقان الثياب المبتذلة، واحدها معوز. وفي سائر الأصول: «العواوير» وهو تحريف.

(٨) الرنق: الكدر.

(٩) هو هارون بن محمد بن عبد الملك الذي ورد في سند هذا الخبر.

(١٠) كذا في ح. وفي سائر الأصول: «واقتطعه إلى نفسه».