كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

7 - أخبار عبادل ونسبه

صفحة 366 - الجزء 6

  وهذه القصيدة من فاخر شعر ابن هرمة، وأولها:

  أجارتنا روّحي نغمة ... على هائم النفس مهتاجها

  ولا خير في ودّ مستكره ... ولا حاجة دون إنضاجها

  - يقول فيها يمدح عبد الواحد بن سليمان -:

  كأن قتودي على خاضب ... زفوف العشيّات هدّاجها⁣(⁣١)

  إلى ملك لا إلى سوقة ... كسته الملوك ذراتاجها

  تحلّ⁣(⁣٢) الوفود بأبوابه ... فتلقى الغنى قبل إرتاجها

  بقرّاع أبواب دور الملو ... ك عند التحية ولَّاجها

  / إلى دار ذي حسب ماجد ... حمول المغارم فرّاجها

  ركود⁣(⁣٣) الجفان غداة الصّبا ... ويوم الشّمال وإرهاجها⁣(⁣٤)

  وقفت بمدحيه عند الجما⁣(⁣٥) ... ر أنشده بين حجّاجها

  دس المنصور إليه من يسمع منه مدحه لعبد الواحد ففطن لذلك وأنشده من شعره في المنصور وأخذ جائزته:

  أخبرني محمد بن جعفر النحويّ صهر المبرّد قال حدّثني أبو إسحاق طلحة بن عبد اللَّه الطلحيّ قال حدّثني محمد بن سليمان⁣(⁣٦) بن المنصور قال:

  وجّه المنصور رسولا قاصدا إلى ابن هرمة ودفع إليه ألف دينار وخلعة، ووصفه له وقال: امض إليه؛ فإنك تراه جالسا في موضع كذا من المسجد، فانتسب له إلى بني أمية أو مواليهم، وسله أن ينشدك قصيدته الحائية التي يقول فيها يمدح عبد الواحد بن سليمان:

  وجدنا غالبا كانت جناحا ... وكان أبوك قادمة الجناح

  فإذا أنشدكها فأخرجه من المسجد واضرب عنقه وجئني برأسه؛ وإن أنشدك قصيدته اللامية التي يمدحني بها فادفع إليه الألف الدينار والخلعة، وما أراه ينشدك غيرها ولا يعترف بالحائية. قال: فأتاه الرسول فوجده كما قال المنصور، فجلس إليه واستنشده قصيدته في عبد الواحد؛ فقال: ما قلت هذه القصيدة قطَّ ولا أعرفها وإنما نحلها إياي / من يعاديني، ولكن إن شئت أنشدتك أحسن منها؛ قال: قد شئت فهات؛ فأنشده:

  سرى ثوبه عنك الصّبا المتخايل

  حتى أتى على آخرها؛ ثم قال له: هات ما أمرك أمير المؤمنين بدفعه إليّ؛ فقال: أيّ شيء تقول يا هذا وأيّ


(١) القتود: جمع قتد وهو خشب الرحل. والخاضب: ذكر النعام. وزفوف: حسن المشي سريعه. والهدّاج: الذي في مشيه أو عدوه أو سعيه ارتعاش.

(٢) في س: «تحلى» وهو تحريف.

(٣) الركود من الجفاف: الثقيل المملوء.

(٤) الإرهاج: الإمطار.

(٥) الجمار: اسم موضع بمنى وهو موضع الجمرات الثلاث.

(٦) في ح: «محمد بن سليمان المنصور».