كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

7 - أخبار عبادل ونسبه

صفحة 367 - الجزء 6

  شيء دفع إليّ؟ فقال: دع ذا عنك، فو اللَّه / ما بعثك إلا أمير المؤمنين ومعك مال وكسوة إليّ، وأمرك أن تسألني عن هذه القصيدة فإن أنشدتك إياها ضربت عنقي وحملت رأسي إليه، وإن أنشدتك هذه اللامية دفعت إلى ما حمّلك إياه؛ فضحك الرسول ثم قال: صدقت لعمري؛ ودفع إليه الألف الدينار والخلعة. فما سمعنا بشيء أعجب من حديثهما.

  استقل المهدي على المنصور جائزته فأجابه:

  أخبرني محمد بن مزيد قال حدّثنا الزبير بن بكَّار قال حدّثنا عمّي عن جدّي قال:

  لما أنشد ابن هرمة المنصور قصيدته اللامية التي مدحه بها أمر له بألف⁣(⁣١) درهم؛ فكلَّمه فيه المهديّ واستقلَّها؛ فقال يا بني، لو رأيت هذا بحيث رأيته وهو واقف بين يدي عبد الواحد بن سليمان ينشده:

  وجدنا غالبا كانت جناحا ... وكان أبوك قادمة الجناح

  لا ستكثرت له ما استقللته، ولرأيت أنّ حياته بعد ذلك القول ربح كثير. واللَّه إني يا بنيّ ما هممت له منذ يومئذ بخير فذكرت قوله إلا زال ما عرض بقلبي إلى ضده حتى أهمّ بقتله ثم أعفو عنه. فأمسك المهديّ.

  بعض شعره الذي يغني فيه:

  ومما يغنّي فيه من مدائح ابن هرمة في عبد الواحد بن سليمان قوله من قصيدة أنا ذاكرها بعد فراغي من ذكر الأبيات، على أن المغنين قد خلطوا مع أبياته أبياتا لغيره:

  صوت

  ولما أن دنا منّا ارتحال ... وقرّب ناجيات السير كوم⁣(⁣٢)

  تحاسر واضحات اللون زهر ... على ديباج أوجهها النعيم

  / أتين مودّعات والمطايا ... لدى أكوارها خوص هجوم⁣(⁣٣)

  فكم من حرة بين المنقّى⁣(⁣٤) ... إلى أحد إلى ما حازريم⁣(⁣٥)

  ويروى:

  فكم بين الأقارع⁣(⁣٦) فالمنقّى

  وهو أجود.

  إلى الجمّاء⁣(⁣٧) من خدّ أسيل ... نقّي اللون ليس به كلوم


(١) في أ، ء: «بألفي».

(٢) الناجيات: النوق السريعة تنجو بمن ركبها. والكوم: النوق الضخمة السنام.

(٣) خوص: جمع أخوص وخوصاء، والخوص: ضيق العين وصغرها وغؤورها. وهجمت العين هجوما: غارت ودخلت في موضعها.

(٤) المنقى: طريق بين أحد والمدينة.

(٥) الريم: (بالكسر والهمز وسهل): واد لمزينة قرب المدينة.

(٦) الذي في المعاجم: الأقرع (بالإفراد) وهو جبل بين مكة والمدينة بالقرب منه جبل يقال له الأشعر. وقد تقدّم غير مرة أنه يسوغ في الشعر أن يجيء اسم المكان مفردا ومثنى ومجموعا حسب الضرورة الشعرية والكل واحد.

(٧) الجماء: جبيل من المدينة على ثلاثة أميال من ناحية العقيق إلى الجرف (بضم الجيم وسكون الراء)، وقيل: هي إحدى هصبتين عن