كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

8 - أخبار المرقش الأكبر ونسبه

صفحة 380 - الجزء 6

  وذو أشر⁣(⁣١) شتيت النبت عذب ... نقيّ اللون برّاق برود

  لهوت بها زمانا في⁣(⁣٢) شبابي ... وزارتها النجائب والقصيد

  أناس كلَّما أخلقت وصلا ... عناني منهم وصل جديد

  ثم مات عند أسماء، فدفن في أرض مراد.

  خرج لقتل زوج أسماء فرده أخواه وعذلاه فمرض وقال شعرا:

  وقال غير أبي عمرو والمفضّل:

  أتى رجل من مراد يقال له قرن الغزال، وكان موسرا، فخطب أسماء وخطبها المرقش وكان مملقا؛ فزوّجها أبوها من المراديّ سرّا؛ فظهر على ذلك مرقّش فقال: لئن ظفرت به لأقتلنّه. فلما أراد أن يهتديها⁣(⁣٣) خاف أهلها عليها وعلى بعلها من مرقّش، فتربّصوا بها حتى عزب مرقّش في إبله، وبنى المراديّ بأسماء واحتملها إلى بلده.

  فلما رجع مرقّش إلى الحيّ رأى غلاما يتعرّق عظما؛ فقال له: يا غلام، ما حدث بعدي في الحيّ؟ وأوجس في صدره خيفة لما كان؛ فقال الغلام: اهتدى المراديّ امرأته أسماء بنت عوف. فرجع المرقّش إلى حيّه فلبس لأمته وركب فرسه الأغرّ، واتّبع آثار القوم يريد قتل المراديّ. فلما طلع لهم قالوا للمراديّ: هذا مرقّش، وإن لقيك فنفسك دون نفسه. وقالوا لأسماء: إنه سيمرّ عليك، فأطلعي رأسك إليه واسفري؛ فإنه لا يرميك ولا يضرّك، ويلهو بحديثك عن طلب بعلك، حتى يلحقه إخوته فيردّوه. وقالوا للمراديّ: تقدّم فتقدّم. / وجاءهم مرقّش. فلما حاذاهم أطلعت أسماء من خدرها ونادته، فغضّ⁣(⁣٤) من فرسه وسار بقربها، حتى أدركه أخواه أنس وحرملة فعذلاه وردّاه عن القوم. ومضى بها المراديّ فألحقها بحيّه. وضني⁣(⁣٥) مرقّش لفراق أسماء. فقال في ذلك:

  أمن آل أسماء الرسوم الدّوارس ... تخطَّط فيها الطير قفر بسابس⁣(⁣٦)

  وهي قصيدة طويلة. وقال في أسماء أيضا:

  أغالبك القلب اللَّجوج صبابة ... وشوقا إلى أسماء أم أنت غالبه

  يهيم ولا يعيا بأسماء قلبه ... كذاك الهوى إمراره وعواقبه

  أيلحى امرؤ في حبّ أسماء قد نأى ... بغمز⁣(⁣٧) من الواشين وازورّ جانبه

  وأسماء همّ النفس إن كنت عالما ... وبادى أحاديث الفؤاد وغائبه

  إذا ذكرتها النفس ظلت كأنني ... يزعزعني قفقاف ورد وصالبه⁣(⁣٨)


(١) الأشر: تحزز في الأسنان يكون في الأحداث.

(٢) في «المفضليات»: «من شبابي».

(٣) يقال: اهتدى الرجل امرأته إذا جمعها إليه وضمها.

(٤) يقال: غض من فرسه إذا نقص من غربه وحدته.

(٥) كذا في أكثر الأصول. وضنى: مرض مرضا مخامرا كلما ظن برؤه نكس. وفي ب، س: «وغنى» وهو تحريف.

(٦) قال شارح المفضليات في التعليق على هذا البيت: «قال أبو عمرو: تخطط فيها الطير أي ترعى».

(٧) كذا في أكثر الأصول. وفي ب، س: «بغم».

(٨) الورد: من أسماء الحمى. وقفقافه: اضطراب الحنكين واصطكاك الأسنان منه. وصالبه: شدّة حرارته مع رعدة.