10 - وقعة دولاب وأخبار الشراة
  وسلمت بقيّتهم. وكان ممن غرق دغفل بن حنظلة أحد بني عمرو بن شيبان. ولحقت قطعة من الشّراة خيل عبد القيس فأكبّوا عليهم، فعطفت عليهم خيل من بني تميم فعاونوهم وقاتلوا الشّراة حتى كشفوهم وانصرفوا إلى أصحابهم. وعبرت بقيّة الناس، فصار حارثة ومن معه بنهر تيري(١) والشّراة بالأهواز، فأقاموا ثلاثة أيام. وكان على الأزد يومئذ قبيصة بن أبي صفرة أخو المهلَّب، وهو جدّ هزارمرد(٢). قال: وغرق يومئذ من الأزد عدد كثير. فقال شاعر الأزراقة:
  يرى من جاء ينظر من دجيل ... شيوخ الأزد طافية لحاها
  وقال شاعر آخر منهم:
  شمت ابن بدر، والحوادث جمة، ... والظالمون بنافع بن الأزرق
  والموت حتم لا محالة واقع ... من لا يصبّحه نهارا يطرق(٣)
  فلئن أمير المؤمنين أصابه ... ريب المنون فمن تصبه يغلق(٤)
  قال قطريّ بن الفجاءة، فيما ذكر المبرّد، وقال المدائني في خبره: إن صالح بن عبد اللَّه العبشميّ قائل ذلك؛ وقال خالد بن خداش: بل قائلها عمرو القنا؛ قال / وهب بن جرير عن أبيه فيما حدّثني به أحمد بن الجعد الوشّاء عن أحمد بن أبي خيثمة عن أبيه عن وهب بن جرير عن أبيه: إن حبيب بن سهم قائلها:
  لعمرك إنّي في الحياة لزاهد ... وفي العيش ما لم ألق أمّ حكيم(٥)
  من الخفرات البيض لم أر مثلها ... شفاء لذي بثّ ولا لسقيم
  لعمرك إني يوم ألطم وجهها ... على نائبات الدهر غير حليم
  ولو شهدتني يوم دولاب أبصرت ... طعان فتى في الحرب غير لئيم
  غداة طفت علماء(٦) بكر بن وائل ... وألَّافها من حمير وسليم(٧)
  / ومال الحجازيّون نحو بلادهم ... وعجنا صدور الخيل نحو تميم
دجيل. ومخرجه من أرض أصبهان ومصبه في بحر فارس. وكانت عند دجيل هذا وقائع للخوارج. وهو أيضا نهر مخرجه من أعلى بغداد، وليس مرادا هنا.
(١) تيري (بكسر التاء المثناة الفوقية وياء ساكنة وراء مفتوحة، مقصورا): بلد من نواحي الأهواز: ونهر تيري حفره أردشير الأصغر بن بابك.
(٢) كذا في ح هنا وفيما سيأتي في جميع الأصول و «الطبري» و «اللباب في معرفة الأنساب» لابن الأثير الجزري مضبوطا بالقلم بنسخة مخطوطة بخط قديم جدا، ومعناه ألف رجل. وفي سائر الأصول هنا: «هزامرد» وهو تحريف.
(٣) طرقه يطرقه (من باب مصر): أتاه ليلا.
(٤) أمير المؤمنين: يريد به نافع بن الأزرق. ويغلق، أي لا ينفلت ولا ينجو. مأخوذ من غلق الرهن في يد المرتهن، إذا لم يقدر على فكاكه واستخلاصه.
(٥) وردت هذه القصيدة في «الكامل» (ص ٦١٨ - ٦١٩ طبع أوروبا) و «معجم البلدان» (ج ٢ ص ٦٢٣) باختلاف في بعض الألفاظ والأبيات.
(٦) يريد: على الماء.
(٧) يريد سليم بالتصغير فكبره للوزن. وسليم أبو قبيلة، وهو سليم بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس عيلان بن مضر.