كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

10 - وقعة دولاب وأخبار الشراة

صفحة 391 - الجزء 6

  قال: جرير؛ قال: فهو أشعرهما. قال: وكان الناس قد تجاذبوا في أمر جرير والفرزدق حتى تواثبوا وصاروا إلى المهلَّب محكَّمين له في ذلك؛ فقال: أردتم⁣(⁣١) أن أحكم بين هذين الكلبين المتهارشين فيمتضغاني! ما كنت لأحكم بينهما، ولكني أدلَّكم على من يحكم بينهما ثم يهون عليه سبابهما، عليكم بالشّراة فسلوهم إذا تواقفتم. فلما تواقفوا سأل أبو حزابة عبيدة بن هلال عن ذلك فأجابه بهذا الجواب.

  أخبرني أحمد بن جعفر جحظة قال حدّثني ميمون بن هارون قال:

  حدّثت أن امرأة من الخوارج كانت مع قطريّ بن الفجاءة يقال لها أمّ حكيم، وكانت من أشجع الناس وأجملهم وجها وأحسنهم بدينهم تمسّكا، وخطبها جماعة منهم فردّتهم ولم تجب إلى ذلك؛ فأخبرني من شهدها أنها كانت تحمل على الناس وترتجز:

  /

  أحمل رأسا قد سئمت حمله ... وقد مللت دهنه وغسله

  ألا فتى يحمل عنّي ثقله

  قال: وهم يفدّونها بالآباء والأمهات، فما رأيت قبلها ولا بعدها مثلها.

  أخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدّثنا أحمد بن الهيثم بن فراس قال حدّثنا العمريّ عن الهيثم بن عديّ قال:

  / كان عبيدة بن هلال إذا تكافّ الناس ناداهم: ليخرج إليّ بعضكم؛ فيخرج إليه فتيان من العسكر؛ فيقول لهم: أيّما أحبّ إليكم: أقرأ عليكم القرآن أو أنشدكم الشعر؟ فيقولون له: أمّا القرآن فقد عرفناه مثل معرفتك، فأنشدنا؛ فيقول لهم: يا فسقة، واللَّه قد علمت أنكم تختارون الشعر على القرآن، ثم لا يزال ينشدهم ويستنشدهم حتى يملَّوا ثم يفترقون.


(١) كذا في ح. وفي سائر الأصول: «فقال إن أردتم ...» وظاهر أن كلمة «إن» مقحمة.