كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

17 - أخبار وضاح اليمن ونسبه

صفحة 441 - الجزء 6

  كنّا لعمرك ناعمين⁣(⁣١) بغبظة ... مع ما نحبّ مبيته ومظلَّه

  فأرى الذي كنّا وكان بغرّة ... نلهو بغرّته ونهوى دلَّه

  / كالطيف وافق ذا هوى فلها به ... حتى إذا ذهب الرقاد أضلَّه

  قل للذي شعف⁣(⁣٢) البلاء فؤاده ... لا تهلكنّ أخا فربّ أخ له

  والق ابن مروان الذي قد هزّه ... عرق⁣(⁣٣) المكارم والنّدى فأقلَّه

  واشك الذي لاقيته من دونه⁣(⁣٤) ... وانشر إليه داء قلبك كلَّه

  / فعلى ابن مروان السلام من امرئ ... أمسى يذوق من الرّقاد أقلَّه

  شوقا إليك فما تنالك حاله ... وإذا يحلّ الباب لم يؤذن له

  فإليك أعملت المطايا ضمّرا ... وقطعت أرواح الشتاء وظلَّه⁣(⁣٥)

  ولياليا لو أنّ حاضر بثّها ... طرف القضيب أصابه لأشلَّه

  فلم يزل مجفوّا حتى وجد الوليد له غرّة، فبعث إليه من اختلسه ليلا فجاءه به، فقتله ودفنه في داره، فلم يوقف له على خبر.

  قتل الوليد له:

  وقال خالد بن كلثوم في خبره:

  كان وضّاح قد شبّب بأمّ البنين بنت عبد العزيز بن مروان امرأة الوليد بن عبد الملك، وهي أم ابنه عبد العزيز بن الوليد، والشرف فيهم. فبلغ الوليد تشبّبه بها، فأمر بطلبه فأتي به، فأمر بقتله. فقال له ابنه عبد العزيز: لا تفعل يا أمير المؤمنين فتحقّق قوله، ولكن افعل به كما فعل معاوية بأبي دهبل؛ فإنه لمّا شبّب بابنته شكاه يزيد وسأله أن يقتله؛ فقال: إذا تحقّق قوله، ولكن تبرّه وتحسن إليه فيستحي ويكفّ ويكذّب نفسه. فلم يقبل منه، وجعله في صندوق ودفنه حيّا. فوقع بين رجل من زنادقة الشّعوبيّة وبين رجل من ولد الوليد فخار خرجا فيه إلى أن أغلظا المسابّة، وذلك في دولة بني العبّاس؛ فوضع الشّعوبيّ عليهم كتابا زعم فيه أن أمّ البنين عشقت وضّاحا، فكانت تدخله صندوقا عندها. فوقف على ذلك خادم الوليد فأنهاه إليه وأراه الصندوق، فأخذه فدفنه.

  هكذا ذكر خالد بن كلثوم والزّبير بن بكَّار جميعا.

  وأخبرني عليّ بن سليمان الأخفش في كتاب المغتالين قال حدّثنا أبو سعيد السّكَّريّ قال حدّثنا محمد بن حبيب عن ابن الكلبيّ قال:

  / عشقت أمّ البنين وضّاحا، فكانت ترسل إليه فيدخل إليها ويقيم عندها؛ فإذا خافت وارته في صندوق عندها


(١) كذا في «تجريد الأغاني». وفي جميع الأصول: «يا عمير».

(٢) في ح: «شغف» (بالغين المعجمة)، وهما بمعنى.

(٣) كذا في ب، س، ح. وفي سائر الأصول: «عرف». والعرف (بالضم): المعروف.

(٤) في ح و «تجريد الأغاني»: «من جفوة».

(٥) في «تجريد الأغاني»: «طله» (بالطاء المهملة)، والطل: أخف المطر وأضعفه. وقيل: هو الندى.