كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

20 - ذكر أبي ذؤيب وخبره ونسبه

صفحة 474 - الجزء 6

  / فارس: ابعث إليّ بعسل من عسل خلَّار⁣(⁣١)، من النحل الأبكار، من الدستفشار⁣(⁣٢)، الذي لم تمسّه النار.

  صوت من قصيدته العينية:

  فأما قصيدته العينية التي فضّل بها، فمّما يغنّى به منها:

  صوت

  أمن المنون وريبها⁣(⁣٣) تتوجّع ... والدهر ليس بمعتب من يجزع

  قالت أمامة⁣(⁣٤) ما لجسمك شاحبا ... منذ ابتذلت ومثل مالك ينفع

  أم ما لجنبك لا يلائم مضجعا ... إلا أقضّ عليك ذاك المضجع

  فأجبتها أن ما⁣(⁣٥) لجسمي أنّه ... أودى بنيّ من البلاد فودّعوا

  / عروضه من الكامل. غنّاه ابن محرز ولحنه من القدر الأوسط من الثقيل الأوّل بالبنصر في مجراها. قال الأصمعيّ: سمّيت المنون منونا لأنها تذهب بمنّة كل شيء وهي قوّته. وروى الأصمعي: «وريبه» فذكَّر المنون.

  والشاحب: المغيّر المهزول. يقال: شحب يشحب. ابتذلت: امتهنت نفسك وكرهت الدعة والزينة ولزمت العمل والسفر ومثل مالك يغنيك عن هذا، فاشتر لنفسك من يكفيك ذلك ويقوم لك به. ويلائم: يوافق. أقضّ عليك أي خشن فلم تستطع أن تضطجع عليه. والقضض: الرمل والحصى. قال الراجز:

  إنّ⁣(⁣٦) أحيحا مات من غير مرض ... ووجد في مرمضه حيث ارتمض⁣(⁣٧)

  عساقل⁣(⁣٨) وجبأ فيها قضض

  وودّعوا: ذهبوا. استعمل ذلك في الذهاب لأن من عادة المفارق أن يودّع.


(١) خلار (كرمان): موضع بفارس ينسب إليه العسل الجيد.

(٢) الدستفشار: لفظة فارسية، معناها: ما عصرته الأيدي وعالجته.

(٣) كذا في ديوانه وفيما سيأتي في جميع الأصول هنا وفيما مر: «وريبه». والمنون يذكر ويؤنث، فمن أنث حمله على المنية، ومن ذكر حمله على الموت. ويحتمل أن يكون التأنيث راجعا إلى معنى الجنسية والكثرة، وذلك لأن الداهية توصف بالعموم والكثرة والانتشار. وقيل: إن من ذكر المنون أراد به الدهر. وقد روى في «اللسان» (مادة منن) بالتذكير وذكر فيه التأنيث رواية عن ابن سيدة وقد شرح أبو الفرج ذلك في الصفحة التالية.

(٤) في شرح ديوانه: «أميمة».

(٥) كذا في ديوانه. ويريد أن الذي بجسمي هو غمي لذهاب ولدي ونفادهم، فهذا الذي ترين بجسمي لذلك. (يراجع شرح ديوانه). وفي ب، س: «أما لجسمك». وفي سائر الأصول: «أم ما لجسمك».

(٦) كذا في «لسان العرب» مادتي «جبأ ورمض». وفي ب، س: «إن احتجا ما يك عن ... إلخ». وفي سائر الأصول: «إن احتجاما تك». وكلاهما تحريف.

(٧) ارتمض الرجل من كذا، أي اشتدّ عليه وأقلقه.

(٨) العساقل: ضرب من الكمأة، وهي الكمأة الكبار البيض يقال لها شحمة الأرض. والجبء (بالفتح): الكمأة السود. والسود خيار الكمأة. فجبأ (بكسر ففتح) يجوز أن يكون جمع جبء كجبأة (بكسر ففتح أيضا) وهو نادر، ويجوز أن يكون المراد جبأة، فحذفت الهاء للضرورة، ويجوز أن يكون اسما للجمع. (عن «اللسان» مادة جبأ).