22 - ذكر ابن جامع وخبره ونسبه
  غنى عند الرشيد بين برصوما وزلزل بعد إبراهيم الموصلي فأجاد:
  قال وحدّثني عبد الرحمن بن أيوب قال حدّثنا أبو يحيى العباديّ قال حدّثني ابن أبي الرجال قال حدّثني زلزل قال:
  أبطأ إبراهيم الموصليّ عن الرشيد، فأمر مسرورا الخادم يسأل عنه - وكان أمير المؤمنين قد صيّر أمر المغنّين إليه - فقيل له: لم يأت بعد. ثم جاء في آخر النهار، فقعد بيني وبين برصوما، فغنّى صوتا له فأطربه وأطرب واللَّه كلّ من كان في المجلس. قال: فقام ابن جامع من مجلسه فقعد بيني وبين برصوما ثم قال: أما واللَّه يا نبطيّ ما أحسن إبراهيم وما أحسن غيركما. قال: ثم غنّى فنسينا أنفسنا، واللَّه لكأنّ العود كان في يده.
  شهد له إبراهيم الموصلي بجودة الإيقاع:
  قال وحدّثني عمر بن شبّة قال حدّثني يحيى بن إبراهيم بن عثمان بن نهيك قال:
  دعا أبي الرشيد يوما، فأتاه ومعه جعفر بن يحيى، فأقاما عنده، وأتاهما ابن جامع فغنّاهما يومهما. فلما كان الغد انصرف الرشيد وأقام / جعفر. قال: فدخل عليهم إبراهيم الموصلي فسأل جعفرا عن يومهم؛ فأخبره وقال له:
  لم يزل ابن جامع يغنّينا إلا أنه كان يخرج من الإيقاع - وهو في قوله يريد أن يطيب نفس إبراهيم الموصليّ - قال:
  فقال له إبراهيم: أتريد أن تطيّب نفسي بما لا تطيب به! لا واللَّه، ما ضرط ابن جامع منذ ثلاثين سنة إلا بإيقاع، فكيف يخرج من الإيقاع!.
  احتال في عزل العثماني عن مكة أيام الرشيد:
  قال وحدّثني يحيى بن الحسن بن عبد الخالق قال حدّثني أبي قال:
  كان سبب عزل العثمانيّ(١) أن ابن جامع سأل الرشيد أن يأذن له في المهارشة / بالدّيوك والكلاب ولا يحدّ في النبيذ، فأذن له وكتب له بذلك كتابا إلى العثمانيّ. فلما وصل الكتاب قال: كذبت! أمير المؤمنين لا يحلّ ما حرّم اللَّه، وهذا كتاب مزوّر. واللَّه لئن ثقفتك(٢) على حال من هذه الأحوال لأؤدّبنّك أدبك. قال: فحذره ابن جامع.
  ووقع بين العثماني وحماد اليزيديّ، وهو على البريد، ما يقع بين(٣) العمال. فلما حجّ هارون، قال حماد لابن جامع: أعنّي عليه حتى أعزله؛ قال: أفعل. قال: فابدأ أنت وقل: إنه ظالم فاجر واستشهدني. فقال له ابن جامع:
  هذا لا يقبل في العثمانيّ، ويفهم أمير المؤمنين كذبنا، ولكني أحتال من جهة ألطف من هذه. قال: فسأله هارون ابتداء فقال له: يا بن جامع، كيف أميركم العثماني؟ قال: خير أمير وأعدله وأفضله وأقومه بحقّ لولا ضعف في عقله. قال: وما ضعفه؟ قال: قد أفنى الكلاب. قال: وما دعاه إلى إفنائها؟ قال: زعم أن كلبا دنا من عثمان بن عفّان يوم ألقى على الكناس فأكل وجهه، فغضب على الكلاب فهو يقتلها. فقال: هذا ضعيف، اعزلوه! فكان سبب عزله.
(١) هو محمد بن عبد اللَّه بن سعيد بن المغيرة بن عمرو بن عثمان بن عفان. (انظر كتاب «المنتقى في أخبار أم القرى» ج ٢ ص ١٨٦ و «الطبري» ق ٣ ص ٧٤).
(٢) ثقفتك: صادفتك.
(٣) كذا في ح. وفي سائر الأصول: «مع العمال».