كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

22 - ذكر ابن جامع وخبره ونسبه

صفحة 498 - الجزء 6

  اسلم وحيّيت أيّها الطَّلل ... وإن عفتك الرياح والسّبل⁣(⁣١)

  - قال: وهو يتلو البيت الأوّل - فعجب أهل المجلس من ذكائه وفهمه، وأعجب ذلك الرشيد.

  نسبة هذا الصوت

  صوت

  اسلم وحيّيت أيها الطلل ... وإن عفتك الرياح والسّبل

  خليفة لا يخيب سائله ... عليه تاج الوقار معتدل

  الشعر لأشجع أو لسلم الخاسر يمدح به موسى الهادي. والغناء لابن جامع ثقيل أوّل بالوسطى، من رواية الهشاميّ وأحمد بن يحيى المكيّ.

  أخبره الرشيد بموت أمه كذبا ليحسن غناؤه:

  قال هارون وقد حدّثني بهذا الخبر عبد الرحمن بن أيوب قال حدّثني أحمد بن يحيى المكيّ قال:

  كان ابن جامع أحسن ما يكون غناء إذا حزن صوته. فأحبّ الرشيد أن يسمع ذلك على تلك الحال، فقال للفضل بن الربيع: ابعث خريطة فيها نعي أمّ ابن جامع - وكان بارّا بأمّه - ففعل. فوردت الخريطة على أمير المؤمنين وهو في مجلس لهوه، فقال: يا بن جامع، جاء في هذه الخريطة نعي أمّك. فاندفع ابن جامع يغنّي بتلك الحرقة والحزن الذي في قلبه:

  /

  كم بالدّروب وأرض السّند من قدم ... ومن جماجم صرعى ما بها قبروا

  بقندهار ومن تكتب منيّته ... بقندهار يرجّم دونه الخبر

  قال: فو اللَّه ما ملكنا أنفسنا، ورأيت الغلمان يضربون برؤوسهم الحيطان والأساطين. - قال هارون: لا أشك أن ابن المكيّ قد حدّث به عن رجل حضر ذلك فأغفله عبد الرحمن بن أيوب - قال: ثم غنّى بعد ذلك:

  يا صاحب القبر الغريب

  - وهو لحن قديم. وفيه لحن لابن المكيّ - فقال له الرشيد: أحسنت! وأمر له بعشرة آلاف دينار.

  نسبة هذا الصوت الأخير

  صوت

  يا صاحب القبر الغريب ... بالشام في طرف الكثيب

  بالحجر⁣(⁣٢) بين صفائح ... صمّ ترصّف بالجبوب⁣(⁣٣)


(١) السبل (بالتحريك): المطر.

(٢) الحجر (بالكسر): قرية صغيرة كانت بين الشام والحجاز وهي بين جبال كانت ديار ثمود التي قال اللَّه جل شأنه فيها: (وتنحتون من الجبال بيوتا). وتسمى تلك الجبال الأثالث، وهي التي ينزلها حجاج الشام.

(٣) كذا في ح. والجبوب (بالباء الموحدة): المدر (الطوب) المفتت. وفي سائر الأصول: «الجيوب» بالياء المثناة من تحت وهو تصحيف.