كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

22 - ذكر ابن جامع وخبره ونسبه

صفحة 499 - الجزء 6

  رصفا ولحد ممكن ... تحت العجاجة في القليب

  فإذا ذكرت أنينه ... ومغيبه تحت المغيب

  هاجت لواعج عبرة ... في الصدر دائمة الدّبيب

  أسفا لحسن بلائه ... ولمصرع الشيخ الغريب

  / أقبلت أطلب طبّه ... والموت يعضل⁣(⁣١) بالطبيب

  الشعر لمكين العذريّ يرثي أباه، وقيل: إنه لرجل خرج بابنه إلى الشأم هربا به من جارية هويها فمات هناك.

  والغناء لحكم الوادي، رمل في مجرى البنصر. وقيل: إن الشعر لسلَّامة⁣(⁣٢) / ترثي الوليد بن يزيد.

  سمعته أم جعفر مع الرشيد فأمرت له بمائة ألف درهم لكل بيت غنى فيه وعوضها الرشيد بكل درهم دينارا:

  أخبرني الحسن بن علي قال حدّثنا ابن مهرويه قال حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال حدّثني الحسن بن محمد قال حدّثنا أحمد بن الخليل بن مالك قال حدّثني عبد اللَّه بن علي بن عيسى بن ماهان قال سمعت يزيد⁣(⁣٣) يحدّث:

  أن أمّ جعفر بلغها أنّ الرشيد جالس وحده ليس معه أحد من الندماء ولا المسامرين؛ فأرسلت إليه:

  يا أمير المؤمنين، إني لم أرك منذ ثلاث وهذا اليوم الرابع. فأرسل إليها: عندي ابن جامع. فأرسلت إليه: أنت تعلم أني لا أتهنّأ بشرب ولا سماع ولا غيرهما إلا أن تشركني فيه، فما كان عليك أن أشركك في الذي أنت فيه! فأرسل إليها: إني سائر إليك الساعة. ثم قام وأخذ بيد ابن جامع، وقال لحسين الخادم: امض إليها فأعلمها أني قد جئت.

  وأقبل الرشيد، فلما نظر إلى الخدم والوصائف قد استقبلوه علم أنها قد قامت تستقبله، فوجّه إليها: إن معي ابن جامع؛ فعدلت إلى بعض المقاصير. وجاء الرشيد وصيّر ابن جامع في بعض المواضع التي يسمع منه فيها ولا يكون حاضرا معهم. وجاءت أمّ جعفر فدخلت على الرشيد / وأهوت لتنكبّ على يده؛ فأجلسها إلى جانبه فاعتنقها واعتنقته. ثم أمر ابن جامع أن يغنّي فاندفع فغنّى:

  صوت

  ما رعدت رعدة ولا برقت ... لكنّها أنشئت لنا خلقه⁣(⁣٤)

  الماء يجري على⁣(⁣٥) نظام له ... لو يجد الماء مخرقا خرقه

  بتنا وباتت على نمارقها ... حتى بدا الصبح عينها أرقه

  أن قيل إنّ الرحيل بعد غد ... والدار بعد الجميع مفترقه


(١) أعضل به: أعياه وأعجزه. وروى عن عمر ¥ أنه قال: أعضل بي أهل الكوفة، ما يرضون بأمير ولا يرضاهم أمير. قال الأموي: في قوله: أعضل بي هو من العضال وهو الأمر الشديد الذي لا يقوم به صاحبه، أي ضاقت على الحيل في أمرهم وصعبت عليّ مداراتهم.

(٢) هي سلامة القس. (راجع ترجمتها في الجزء الثامن من «الأغاني» ص ٦ - ١٥ طبع بولاق).

(٣) كذا في ب، س. وفي سائر الأصول: «بربر».

(٤) يقال: نشأت لهم سحابة خلقة وخليقة أي فيها أثر المطر.

(٥) كذا في ب، س و «ديوان عبيد بن الأبرص» (ص ٨٦ طبع أوروبا). وفي سائر الأصول: «ولا نظام له».